الاعتقالات الأولى كانت بسبب قضايا داخلية. أما الرابع، فقد شذّ عن القاعدة بعدما تجاوز محمد عادل الهم الوطني المحلي إلى هموم «الوطن الأكبر»القاهرة ـ أحمد الهواري
«العميد ميت». ربما يكون ذلك اللقب قد فاق صاحبه شهرة. فعلى الأرجح أن محمد عادل، الذي أطلق على مدوّنته هذا الاسم، لم يكن يعلم أن كنيته ستصبح «محمد عادل، العميد ميت». أربعة اعتقالات تعرّض لها «العميد ميت» بواسطة الداخلية المصرية، لا يزال التحقيق مفتوحاً في آخرها، المتعلق بـ«الترويج لحماس» بسبب الزيارة التي قام بها عادل لغزة إبان العدوان الأخير عليها.
محمد عادل، الذي ولد عام 1988، تعرّض للاعتقال في المرة الأولى في الفترة الممتدة من 26 نيسان/ إبريل حتى 27 أيّار/ مايو عام 2006 أثناء تظاهرات التضامن مع القضاة، واعتُقل للمرة الثانية لمدة ثلاثة أيام أثناء تظاهرات التعديلات الدستورية في عام 2007، والمرة الثالثة اعتُقل يوماً واحداً على خلفية تظاهرات «ضد الغلاء» في 18 كانون الثاني/ يناير 2008.
أما المرة الرابعة، فتلك قصة أخرى، إذ تعلّق سبب الاعتقال بشأن عربي لا محلي كما المرات السابقة. كان الاعتقال الرابع هو الأطول، إذ اعتُقل يوم 20 أيلول/ سبتمبر 2008 وأُفرج عنه بضمان محل الإقامة في 10 آذار/ مارس 2009، بينما لا يزال التحقيق مفتوحاً في التهمة الموجهة إليه: «الترويج لفكر محظور»، بسبب «الذهاب إلى غزة والتضامن مع حماس». خلال الاعتقالات الأربعة، يقول محمد الذي لا يزال يتابع دراسته في «أكاديمية المستقبل لنظم المواقع»، إن الاعتقال الأول كان صعباً، إذ عُزل ورفاقه بعضهم عن بعض، فوضع كل فردين أو ثلاثة منهم في أحد عنابر المسجونين جنائياً، ما دفعهم إلى الاحتجاج من خلال تنفيذهم إضراباً عن الطعام لمدة ستّة أيام. وبينما كانت ظروف الاعتقال أسهل نسبياً في المرتين الثانية والثالثة كما يروي، «كانت المرة الرابعة هي الأصعب على الإطلاق».
ففي الاعتقال الأخير، ظل لمدة 17 يوماً محتجزاً في مركز جهاز أمن الدولة بمدينة نصر، إحدى ضواحي العاصمة، حيث اتّسم تعامل الضباط معه بالقسوة البالغة: من شتائم وضرب وصعق بالكهرباء أثناء التحقيقات التي ظل طوال فترتها ممنوعاً من الكلام، ومعصوب العينين ومقيّد اليدين جالساً على الأرض، بينما أجبروه على تناول الطعام بيديه المقيّدتين وعينيه المعصوبتين.
وحتى بعدما توقف الضرب أثناء التحقيقات نتيجة التظاهرة التي قام بها بعض الناشطين للإفراج عنه، ظل محمد يتعرض للشتائم من أمناء الشرطة طوال فترة احتجازه.
وأما بعد انقضاء الأيام الـ17، فقد رُحّل إلى سجن المزرعة في طرة، جنوب القاهرة، حيث أودع غرفة التأديب الانفرادي، وحيث لم يسمح له سوى بنصف ساعة من المشي يومياً، بالإضافة إلى منع دخول بعض الكتب إليه. وعلى الرغم من أن محمد اختُطف من وسط القاهرة أثناء توجهه إلى أحد المقاهي بواسطة 12 فرداً اختطفوا منه هاتفه المحمول وأدخلوه عنوة إلى سيارة تحمل أرقام «ملاكي» بعدما عصبوا عينيه، إلا أنه ظل يتردد على المقهى ذاته بعد خروجه من السجن، مؤكداً أن التهمة التي لا يزال التحقيق فيها جارياً بُنيت بالكامل على صورة نشرها لنفسه على الإنترنت والتُقطت له أثناء وجوده في غزة للتضامن مع الفلسطينيين خلال العدوان الأخير الذي تعرضوا له.