محمد محسنتلقّت سناء في عيد ميلادها هدايا متنوّعة، كان من بينها رواية عالميّة. لم ترقها فكرة الهدية الكتاب. وضعتها جانباً، معتبرة أن لا مجال أصلاً للمقارنة بينها وبين قارورة العطر أو الأكسسوارات التي حصلت عليها. كان ذلك خلال الاحتفال بعيد ميلادها وسط زملائها في الجامعة، بعد نزع أوراق الهدايا، شعرت صديقتها التي أهدتها الرواية بأنّها أخطأت، أو ربما أشعرها بذلك ضحكة سناء الصفراء، وخصوصاً حين وعدتها «رح أقراها كلّها حبيبتي».
قد لا يكفي هذا المشهد للتعبير عن مستوى اهتمام الشباب بالكتاب في أيامنا هذه، لكنّه، بالتأكيد، يعكس رأي مجموعة كبيرة منهم يختلفون في شرح الأسباب لكن النتيجة واحدة: غربتهم عن الكتاب. ولكن في المقلب الآخر، تجد أنّ البعض لا يزال مهتماً بالمطالعة، ولو بشكلٍ عابر، أمّا القرّاء النهمون فقد أصبحوا عملة نادرة بين الشباب.
يضحك أحمد ضيا حين تسأله عن مطالعاته، وكم يخصص من مصروفه ومن وقته في سبيلها. يبرّر ضحكته سريعاً «مش ضد القراءة، ولكن لأنتهي من مقررات الجامعة بالأوّل»، يقول، مضيفاً إنّ كمية الدروس في كليّة العلوم، حيث يدرس، لا تسمح بـ«حك الرأس»، فكيف بالقراءة؟
يبدو مشهد نسبة المطالعة في الكليّات العلمية شبه قاتم، لا يخلو من بعض الاستثناءات. لكن هل تختلف هذه الصورة في الكليّات التي تحتاج مواد الدراسة فيها إلى تغذيتها بالمطالعات؟ يظهر الجواب ضبابياً، شبيهاً بأجوبة الشبّاب هناك. فهو رهن بظروف ترتبط بطبيعة النشاطات اليومية، والمصاريف، أو حتى الأجواء التي نشأ فيها الشباب.
في كليّة الآداب في الجامعة اللبنانيّة، تبدي ندى كزما شغفاً بالمطالعة، وخصوصاً روايات الكاتب العالمي باولو كويهلو، لكنّها لا تقتطع شيئاً من مصروفها لهذا الغرض، فهي تتّكل على الاستعارة من الأصدقاء أو من مكتبة الكلية أو المكتبات العامة. أمّا جمال دهيني، فيطالع كلّ ما يتعلّق باختصاصه في العلوم السياسية، أو بنقاشاته مع الحزبيين على اختلاف انتماءاتهم. يقرأ التاريخ والكتب السياسية، لكن مشكلته مع الكتاب، كما الكثيرون، هي الوقت، فعمله بعد الجامعة، لا يسمح له بتخصيص وقت كبير للقراءة. وبعد العودة إلى البيت، تكون الأولويّة للراحة، وإن بقي شيء من الوقت، فهو لنشرة الأخبار أو المطالعة.
خلافاً لجمال، يقتطع هاشم جابر من يومه ساعة واحدة للمطالعة، يقرأ خلالها كتب السياسة والفكر والدين. ينتقد هاشم شبّاناً كثيرين، لا يعرفون «فلفشة الكتاب»، مؤكداً «كذب من يقول أنْ لا وقت لديه للقراءة، وساعات الدردشة على الإنترنت تشهد على ذلك».
من جهته، يتفهّم أحمد دكروب انتقادات زميله، لكنّ الشاب الذي يقضي معظم وقته يومياً على الحاسوب، يرى أنّ «الكتاب ما إلو قيمة، بوجود الإنترنت»، مشيراً إلى أنّه يقرأ الكثير من الكتب، ولكن عبر شاشة الحاسوب. «تعوّدت هيك»، يقول. ويبرر أحمد هذه العادة بموضوع الكلفة،إذ إنّ رسم الاشتراك في الإنترنت «أرخص، واحتمالات القراءة أوسع».