طالت شظايا الأمطار وحبيبات البرد بعض كليّات الفرع الأول في الجامعة اللبنانية التي ما زال إهمال إصلاحها وتجهيزها مستمراً
محمد محسن
لم تطل العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان أخيراً مباني كليّات مجمّع الحدث الجامعي، فهي مجهّزة لمثل هذه الظروف، بل إنّ الأضرار كانت من نصيب كليات الفرع الأول خارج الحرم. قد لا يلحظ الزائر لكلية الآداب والعلوم الإنسانية أيام الصحو بعض التفاصيل في البناء والتجهيز التي تفضح المكان. لكنه يعي بعد المطر الشديد لماذا يتحدّث الطلاب عن كليّة لا تجهيزات فيها؟
كأنّه لا يكفي الطلاب غياب التجهيزات ووسائل الإيضاح مثل خرائط الجغرافيا وما شابه ليأتيهم ما هو «أعظم» من ذلك. إلى جانب غياب الحرم الجامعي، ثمّة جدران مصدّعة في القاعات الدراسية ترتج مع كل برق ورعد، ما يستدعي خوفاً مبرراً من انهيارات محتملة تصيب الغرف، يعبّر عنه الطلاب بعدم الجلوس في هذه الصفوف حتى لو كلفهم الأمر مقاطعة المحاضرات.
تمتدّ سبحة الإهمال، لينتج منها طوفان يجتاح المراحيض، نتيجته واضحة ولا حاجة إلى وصفها. كذلك، يسهل العثور على سقفٍ يعاني «النش»، إذ تجتاح هذه «الظاهرة» غالبية قاعات الكليّة، ما دفع إحدى الطالبات إلى التعليق بسخرية: «لازم نفتح الشمسية بالصف كمان». وهنا يتدخل زميلها: «الجواب الذي نلقاه في المراجعات المتكررة للإدارة هو انتظار المناقصات».
ليس بعيداً عن كليّة الآداب، في منطقة الأونيسكو، تبدو كليّة الإعلام والتوثيق ظاهرياً، بأفضل حال قبل دخول ملعبها. والدليل أنّ الطلاب اضطروا السبت الماضي، إلى حشر أنفسهم في رقعة صغيرة لا تتجاوز أربعة أمتار، لأن ملعب الكليّة «طاف» بالمياه، وبات من الصعب السير فيه، حتى في أوقات الصحو القليلة. قضى الطلاب فترة الاستراحة بين الامتحانين في جوٍّ غير ملائم، نظراً إلى ضيق المسافة وكثرة عددهم، وهذا ما رفع حدة الضجيج وأعاق عمليّة المراجعة. إلّا أنّ مصادر الإدارة تشير إلى أنّ «حالة الملعب جيّدة جداً ولا تستدعي الإصلاح، إذ إنّ ما حصل لا يعدو كونه إقفال «جيّازات» ومسارب». لكن مصدراً طالبياً يستغرب ما تنقله الإدارة، ويلفت إلى أنّ الملعب «كان في حالةٍ جيدة قبل اتخاذ قرار يقضي بنزع بلاطه وإعادة توضيب المكان في العام الماضي، من أجل استقبال إحدى الشخصيات الاجتماعية». يؤكد المصدر أنّ أرضية ملعب الكليّة غير مستوية بسبب خطأ فنّي حصل عند إعادة وضع البلاط على سطحه، مشيراً إلى أن القطعة الرخامية التي وضعت لمنع الماء المتجمّع من الوصول إلى غرفة مجلس طلاب الفرع قد انكسرت، وعادت الأمور إلى مربّعها الأوّل. وعن المعالجة الرسمية للموضوع، يؤكد المصدر الطلابي «أنّنا أرسلنا صوراً موثّقة إلى الإدارة المركزية في الجامعة اللبنانية توضح حالة الملعب التعيسة». وعن موقف إدارة الكليّة من الوضع، يشير المصدر إلى «أنّهم مرتاحون لوضع الملعب، ولا نعرف سبباً لهذا الارتياح».
هكذا، أضحى الإهمال في هذه الكليّات، طقساً سنوياً يعانيه الطلاب الجدد، فيما يبدو أن القدامى قد اعتادوا تفاصيل المشهد، من دون أن ييأسوا من المطالبة المستمّرة بإيجاد الحلول سريعاً. فهل سيجدون آذاناً صاغية؟