يشترط دار الصادق التابع لجمعية المبرات الخيرية أن تجتاز تلميذاته 15 ساعة من الخدمة الاجتماعية سنوياً، على أن ترافقهن حقيبة للحوافز
فاتن الحاج
عندما دخلت سارة شحيتلي مركز سرطان الأطفال للمرة الأولى لم تكن تعرف ماذا يجب أن تفعل. كان الخوف يومها سيد الموقف. كيف ستقرأ التلميذة الخجولة القصص للأطفال وهل سترى ابتساماتهم؟، «كنت مستحية كتير بس كان عندي حشرية أعرف كيف لازم اتصرف». الفضول قاد سارة إلى الطلب من إدارة مدرستها أن لا تستثنيها من الخدمة الاجتماعية الأسبوعية، وإن تعدى ذلك 15 ساعة سنوياً، أي عدد الساعات الملزمة لنيل الشهادة.
تشرح مديرة دار الصادق للتربية والتعليم نهى الصايغ أنّ العمل التطوعي في نادي الخدمة الاجتماعية يسمح للتلميذات بالخروج من مجتمعهم الصغير إلى مجتمع «ليس بألف خير». تتواعد الفتيات، الثامنة من صباح كل جمعة، وهو يوم عطلة في الدار، ليمضين 3 ساعات من التطوع في دار العجزة الإسلامية ومركز سرطان الأطفال ومؤسسة العمر المديد والمستشفيات والمدارس المجانية. تتفاوت مهارات التواصل بين تلميذة وأخرى، لكن الثابت، كما تقول الصايغ، أن الخدمة الاجتماعية أعادت الثقة بالنفس إلى بعض البنات.
تبحث التلميذات عن فائدة إنسانية قبل أن تكون تربوية أو اجتماعية، وتتحدث سارة قازان، التلميذة في التربية الحضانية عن «عمل تطوعي لكسب الأجر». تتحدث عن السعادة التي شعرت بها حين أسهمت في ترتيب أحد المساجد، أو عندما قرأت قصصاً لأطفال مرضى في مستشفى بهمن. ترفض الفتاة تكرار الخدمة فهي تريد أن تختبر كل المجالات حتى لو كان العمل «مش بنّاتي». هنا تستعيد سارة بفرح لحظات التحضير لمعرض بيع ثياب وأدوات منزلية وأحذية للمحتاجين، إذ كان عليها أن «تدق المسامير» لتركيب الستاندات.
وتلفت مسؤولة الأنشطة فاطمة ترمس إلى «أننا نعدّ خطة سنوية للخدمة الاجتماعية لكن التلميذات يقترحن أفكاراً للنشاطات التطوعية». ومن الأفكار التي طرحن إضافتها تعليم الأيتام بعد الظهر، تنظيف المساجد، الحلول مكان العامل أو العاملة في المدرسة في عيد العمال، إضافةً إلى تنسيق أشغال يدوية وزيارة مدارس تشكو من ثقافة صحية فيجري التواصل مع المدرسة لإرسال البنات اللواتي خضعن لبرنامج تدريبي في مجال الصحة والتغذية.
وتقول معلمة التربية الإسلامية رجاء قاروط إنّ الحرص على التمكن من الخدمة قبل تطبيقها لا يمنع الفتيات من التوتر أو الإصابة بالصدمة الأولى لدى مواجهة المواقف الإنسانية، ولا سيما خلال الحوارات مع المسنين، ثم لا يلبثن أن يسترجعهن قواهن لإكمال الهدف من العمل التطوعي، فيصبحن أكثر حماسة للتخفيف من معاناتهم.
وترافق التلميذة، حسب قاروط، «حقيبة الطالب» التي تحفظ فيها المواد الدراسية والبيانات والحوافر التي تتلقّاها الفتاة طوال السنة الدراسية، وتقوّم الحقائب في نهاية العام لمعرفة التغيّر الذي طرأ على شخصيتها، وما إذا تخطت مشاكل اجتماعية معينة.
وفيما تختار التلميذات الخدمة التي يردنها، تشترط الدار إلزامية الانتساب إلى النوادي الأخرى والتنقّل بينها، وهي «العلاقات العامة، الإعلام، البيئة، الإلقاء والموسيقى، اللياقات الاجتماعية، القرآن والمسرح».