منحت محكمة الجنايات في طرابلس، المؤلّفة من الرئيس منير عبد الله وعضوية المستشارين بسام الحاج وحسام النجار، الأسباب التخفيفية للمتهم ع. ح. بجنحة إثارة النعرات الطائفية بإطلاق النار على منطقة جبل محسن في عاصمة الشمال، وذلك على خلفية مذهبية إبان الأحداث الأمنية التي وقعت صيف 2008 بين مواطنين من جبل محسن وآخرين من باب التبانة. ورأت المحكمة أن فعل المتهم لا ينطبق على جناية المادة 336 من قانون العقوبات (تأليف عصابة مسلحة).وتبيّن من وقائع القرار أن دورية من فوج التدخل في الجيش اللبناني أوقفت المتهم ع. ح. قرب منزله الكائن في بعل الدراويش، وعند تفتيش منزله، عثرت الدورية على جعبة كلاشنيكوف و23 طلقة. ولدى التحقيق معه من قبل الشرطة العسكرية، أفاد أنه اشترك في الأحداث التي حصلت خلال عام 2008 بين منطقتي التبانة وجبل محسن، وأنه كان مع مجموعة من أهالي التبانة يطلقون النار على منطقة جبل محسن، مستعيراً بندقية حربية من المسلّحين الموجودين في المحلّة، لكونه لا يملك أي قطعة سلاح. وأشار إلى أنه استعملها لإطلاق النار باتجاه جبل محسن، وبعد الانتهاء من استخدامها أعادها إلى من تسلّمها منه، فيما كان يحتفظ في منزله بالجعبة وبعض الطلقات النارية.
واعترف المتهم باشتراكه في إطلاق النار على منطقة جبل محسن دفاعاً عمّا سمّاه «منطقته وعرضه وشرفه»، نافياً عمله تحت لواء أي عصابة مسلّحة، ومشيراً إلى أن إطلاقه النار باتجاه جبل محسن كان نتيجة تعرّض منزله لإطلاق نار من الجهة المقابلة.
وعلّلت محكمة الجنايات قرارها بانتفاء جناية المادة 336 عقوبات التي تفترض وجود جماعة من ثلاثة أشخاص أو أكثر يسيّرون في الطرق العامة عصابات مسلّحة بقصد سلب المارة والتعدّي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية. وكان القرار الاتهامي قد أسنَد إلى المتهم جرم الاشتراك في عصابة مسلّحة، من دون أن يشار إلى أسماء أشخاص آخرين اشتركوا معه في تأليف هذه العصابة.
وأضافت المحكمة أنه لا يُتصور بمفهوم المادة 336 عقوبات قيام عصابة قوامها شخص واحد، مع التوضيح أن المتهم لم ينف اشتراك آخرين في إطلاق النار معه، لكنّه نفى أن يكون هؤلاء قد أطلقوا النار في إطار عمل عصابات، بل في إطار أحداث ارتدت الطابع الطائفي والمذهبي والأمني. وبالتالي، لا تكون عناصر جناية المادة 336 متحققة في الفعل المسند إلى المتهم مما يوجب كفّ التعقبات بحقه.
لكنّ المحكمة رأت أن إقدام المتهم على إطلاق النار على منطقة جبل محسن من شأنه إثارة النعرات المذهبية وتأجيج النزاع بين أبناء المذاهب، فيكون فعله منطبقاً على جنحة المادة 317 عقوبات، مما يوجب إدانته بهذه المادة وحبسه مدة سنة واحدة وتغريمه مئة ألف ليرة. ونظراً إلى ظروف القضية، مُنح المتهم الأسباب التخفيفية سنداً للمادة 254 عقوبات، وخفضت العقوبة إلى سبعة أشهر حبساً وإدغام عقوبة المادة 72 من قانون الأسلحة (6 أشهر حبساً) مع العقوبة الأولى سنداً للمادة 205 عقوبات.
(الأخبار)


الحد الأدنى للأسباب التخفيفية

تمنح المحكمة الأسبابَ التخفيفية وفقاً لاقتناعها، بحسب المادة 254 من قانون العقوبات التي منحتها سلطة خفض العقوبة في الجنحة إلى حدّها الأدنى المنصوص عليه في المواد 51 و52 و53 من القانون ذاته (الحبس لمرتكب الجنحة بين 10 أيام و3 سنوات). ورغم أن العقوبة الأدنى لمرتكب جنجة المادة 317 عقوبات هي الحبس سنة واحدة، فإن محكمة الجنايات في طرابلس خفضت عقوبة المتهم ع. ح. إلى 7 أشهر حبساً. من جهة ثانية، نصّت المادة 317 على عقوبات تضاف إلى الحبس والغرامة، وهي المنع من تولّي الوظائف والخدمات في إدارة شؤون الطائفة المدنية أو أن يكون ناخباً أو منتخباً في هذه الطوائف) الأمر الذي خلا منه الحكم.