حسين شحرورأبحث عنك يا زمن منذ وقت طويل. أبحث عن زمن في عز غفو الضمير، شعوب العالم أصابها الدوار لأنها مثلي تبحث عن زمن التحرر وعن زمن سقوط نظام «ديكتاتور باشا»... فمن الصعب أن تبحث عن الوفاء في زمن الخيانة. أصحاب الوفاء رحلوا، إن وجدوا قاصدين دنيا بلا أظافر. ها هي أسراب الخيانة والضجر تجتاح وترتاح في قلوب البشر، في تلك القلوب «حالة ملل» لأنه ليس من السهل أن تجد جسد ذلك الإنسان بروح نبي، بحثت عنك يا زمن في الأزقة والشوارع، وكلما اقتربت لألمسك ابتعدت عني.
بحثت عنك في زغردة الطير وقلوب الأطفال، ولكن قلوبهم تموت كل يوم في القدس والعراق ويقتلون كذلك في جنوب لبنان.
أما بعد كل هذا، فتمر الأيام ونسميها الزمن، إنها كلمة من ثلاثة أحرف وتعني الكثير، لأنك حين تسأل صديق أو قريب لك: لماذا تتغير؟ فسيقول لك «هيك الزمن بدو».
عقارب الزمان تدور وتطوي معها أجمل لحظات العمر وتترك لنا أوقات الحزن والخراب والدمار. تتبدل الأيام بأخرى ضمن الإطار الزمني نفسه، إنه أصعب الإطارات لأننا لا نستطيع أن نتحكم به. لم يبق لنا سوى شيء اسمه «الحب».
لكن من الصعب أن تبحث عن الإخلاص في زمن كهذا، فلو كان الأمر بأيدينا لأوقفنا الزمن، وجعلناه يدور، ونحن واقفون على أرصفة الحياة، فالزمن عبارة عن قطار سريع لا يتوقف سوى في الذكريات. إما أن تصعد إليه، وإما أن تبقى قابعاً هنا.
وعلى أرصفة الحياة تنتظر قطار الموت أو الشهادة لعله أسهل من أن تعيش في دنياك الزائفة المتطرفة هذه.