بنت جبيل ـــ داني الأمينيعتمد معظم أبناء قضاءي مرجعيون وبنت جبيل على الأسواق التجارية الشعبية المتنقلة لشراء احتياجاتهم من السّلع الاستهلاكية والمواد التموينية، في ظلّ عدم توافر المحال التجارية الكبيرة الثابتة في عدد كبير من القرى والبلدات التابعة للقضاءين.
وتقدّم الشعبية التي تحظى بها الأسواق التجارية المتنقلة مؤشراً على الركود الاقتصادي والحرمان اللذين يعانيهما الأهالي، رغم أن نسب المؤشّر تتفاوت من بلدة إلى أخرى، ففيما يعتمد أبناء بلدات ربّ ثلاثين ودير سريان والقنطرة ومركبا على سوق الأربعاء في بلدة الطيبة، التي تتوافد إليها ربّات المنازل صباح كل أربعاء لشراء «مونة الأسبوع» أو لمجرد استغلال فرصة الخروج من المنزل والتنزه، تخفّ الحركة التجارية في أسواق بلدات شقرا وميس الجبل ودير نطار المتنقلة، بسبب كثرة المحال التجارية الثابتة الموجودة في تلك المنطقة.
ويشير هذا التفاوت بدوره إلى أن نسبة الاستثمار التجاري تزداد شيئاً فشيئاً في المناطق البعيدة عن الحدود، وعن الشريط المحتل سابقاً.
وللأسواق الشعبية المتنقلة بائعوها المتخصّصون، الذين ليسوا حكماً من أصحاب المحال التجارية، يأتون من مناطق متعددة وبعيدة أحياناً، ويمضون أوقاتهم متنقلين بين سوق وآخر، حاملين بضائعهم في سياراتهم الكبيرة الحجم، كما يشرح أحدهم،
سيف شحادة، من شقرا «علينا أن ننقل بضائعنا كل يوم إلى سوق مختلف. من بنت جبيل نهار الخميس إلى الطيبة نهار الأربعاء، قبلها حاريص نهار الثلاثاء وتبنين نهار الجمعة. وفي بعض القرى، قد يصادف موعد السوق بعد الظهر، كما في حولا ومجدل سلم ودير نطار».
ويعتبر شحادة أن «تهافت الأهالي على شراء حاجاتهم من الأسواق الشعبية يعود لسببين، الأول هو عدم وجود المحال التجارية في بعض القرى، والثاني هو زيادة نسبة الفقراء، لأن السلع الأرخص تباع في الأسواق الشعبية. كما يتيح السوق الشعبي للمستهلكين مقارنة الأسعار بين تاجر وآخر، ما يزيد من حدة تنافس يقع بين التجار ويصبّ في مصلحة الزبائن».
ويعتبر شحادة أن أكثر الأسواق شهرة وازدحاماً بالزبائن هي أسواق بنت جبيل والطيبة والخيام، بسبب شهرتها الواسعة وتاريخها القديم، ووقوعها في مناطق وسطى بين العديد من البلدات.
وشهرة سوق بنت جبيل تدفع بالتاجر حسين الحاج إلى المشاركة فيه دورياً، رغم بعد المسافة بينه وبين بلدته تورا في صور: «أمارس هذا العمل منذ سنوات عدة، ولا أتخلى عنه رغم أنني أحتاج يومياً إلى قطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى الأسواق الشعبية. فهذه الأسواق تستقطب عدداً كبيراً من أهالي المناطق البعيدة عن المدن، على عكس الأسواق المتنقلة في قرى وبلدات صور وصيدا، التي يخف عدد زبائنها لأنها مدن تحوي مجمعات تجارية كبيرة يرتادها الأهالي لشراء ما يحتاجون إليه».
ورغم تراجع عدد الزبائن شتاءً وازدياده صيفاً مع عودة الكثير من النازحين إلى قراهم في بنت جبيل، إلا أن سوق الخميس في هذه البلدة يظلّ يؤمّن حركة اقتصادية نشيطة في جميع فصول المنطقة، لما يخلقه من مساحة حيوية للبيع وللشراء تفتقر المنطقة إليها وتحتاج إليها.