تعدّ كلية العلوم ــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية من الكليات الجدية التي يلازمها الدرس باستمرار. لكن طلاب الكلية وجدوا متنفّساً لهم عبر تأسيس أندية تعنى بالشأن العلمي والثقافي، بعيداً عن المقررات الجامعية. وتنظّم هذه الأندية نشاطات متنوعة داخل الحرم الجامعي
محمد محسن
يستبعد أي طالبٍ يمضي الشهر الأوّل له في كليّة العلوم أن يجد وقتاً للترفيه، بل إنّ الطلاب لا يجدون وقتاًَ كافياً للنوم، كما هو معروف. لكن هذه الظروف على صعوبتها، لم تمنع طلاب الكليّة، التي لا تكفي موازنتها لسدّ الحاجات المفترضة لفرع الكيمياء وحده، من إيجاد فسحة جامعية تأخذهم بعيداً عن متاعب الدراسة.
هذه الفسحة المتوافرة حالياً، هي أنديّة علميّة، ثقافية وترفيهية، يتعرّف إليها طلاب السنة الأولى من كل عام دراسي، وتتاح لهم فرصة الاشتراك فيها من دون أيّة شروط.
تستحق تجربة أندية كليّة العلوم التوقّف عندها، فهي وإن كانت متواضعة على مستوى التمويل والنتائج، إلا أنّها تُخرج طلاب الجامعة اللبنانية جزئيّاً، من الهوّة الموجودة بينهم وبين طلاب الجامعات الخاصة، التي تحفل أروقتها بأنديةٍ ترفيهية دائمة التجدد.
ويوجد في كلية العلوم ثلاثة أندية: النادي العلمي وهو أقدم النوادي، اللقاء الثقافي الذي تتفرع منه أندية الشعر والرسم والمسرح والموسيقى، أمّا أحدث الأندية فهو نادي المعلوماتية.
من البديهي أن يهتم كل نادٍ بالمواد المرتبطة بتسميته. فيصعب أن يمرّ حدث ذات صبغة علمية، من دون أن يتابعه أعضاء النادي العلمي، بهدف تقديم شرحٍ مفصّل عنه، بأسلوبٍ توضيحي بعيد عن أسلوب المقررات الجامعيّة. فقد تابع النادي ظواهر علمية عالمية عدة، واستطاع شرح تفاصيل دقيقة عن مرض أنفلونزا الطيور للطلاب. أمّا في هذه الفترة، فإن النادي العلمي يعمل على توضيح المسائل المتعلّقة بالمواضيع النووية، نظراً لتزايد الحديث عن الملف النووي الإيراني.
وبعكس النادي العلمي، يطلّ اللقاء الثقافي على الأمور غير العلميّة، وأدواته موسيقية وفنية. فقد شارك العام الماضي نحو 1500 طالب في حفل البيانو الذي أحياه الطالب مهتدي الحاج، كذلك ينظّم النادي سنوياً معارض ومسرحيات. أمّا نادي المعلوماتية فهو حديث العهد، وتقتصر اهتماماته على الأمور التي تهمّ طلاب فرع المعلوماتية في كليّة العلوم.
هكذا، يروّح طلاب الكلية عن أنفسهم عبر نشاطاتٍ ترفيهية داخل حرم الكلية، لا تبعدهم عن جو اختصاصاتهم، لكن دونما الوقوع في فخ المحاضرات.
يبدو الحديث عن شروط العمل والانضمام إلى هذه الأندية بديهياً في البداية، لكنّ حديث بعض الطلاب عن لونٍ واحد يتحكّم بهذه الأندية يستدعي الوقوف عنده. إذ يشير بعض الطلاب إلى أنّ أندية العلوم محكومة بثقافةٍ معيّنة «قريبة من ثقافة الجهة التي تسيطر على مجلس طلاب الفرع، أي حزب الله». يستدعي هذا الكلام ردّاً من رئيس مجلس طلاب الفرع علي عيسى، فيؤكد أنّ هذا «الرأي مغلوط، والسبب هو أنّ فرصة المشاركة متاحة للجميع دون سؤالٍ عن انتماءاتهم». ويؤكد عيسى أنّ أي عضو في النادي يملك قوة الاقتراح والمشاركة في القرار، ويستغرب حديث بعض الطلاب عن التوجّه الأوحد في الأندية، ويضيف قائلاً: «لو كنّا نمارس نشاطاتنا داخل الأندية وفق عقلية أحادية، لما كنّا نظّمنا حفلة لموسيقى الراب في العام الماضي».
الوضع المادي لهذه الأنديّة يحتاج إلى تحسيناتٍ دائمة، وخصوصاًً أن النشاط الأكبر لا يكلّف أكثر من خمسمئة دولار، كما أنهّا وليدة الجامعة اللبنانية، التي هي أصلاً بلا موازنة منذ ثلاثة أعوام. تستعين الأندية في حالاتٍ خاصة ببعض التمويل من الجمعيات التي تتعامل معها. أمّا عدد أعضاء كل نادٍ، فيتراوح بين أربعين وخمسين عضواً.


أيّام صحيّة وبيئيّة

ينظّم النادي العلمي مجموعة أنشطة دائمة في الكليّة، تتجدّد فعالياتها كلّ عام. يندرج ضمن الأنشطة «اليوم الصحي» الذي تشارك في فعالياته جمعيات معنيّة بالشؤون الصحية، كالصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية، وتجري هذه الجمعيات فحوصاً مجانية للطلاب، وحملات تبرّع بالدم. كذلك، ينظّم النادي العلمي «اليوم البيئي» إذ يشارك أعضاؤه في حملات تشجير رمزية، بما أنّ مجمّع الحدث الجامعي لا يحتاج إلى التشجير. لكن البارز في نشاطات «اليوم البيئي» هو تعريف الطلاب عبر ندوات وشروح علمية مصوّرة، بمخاطر استعمال بعض المواد المؤذية للبيئة، ويشدّد المنظمون كذلك دائماً على ضرورة أن تسود ثقافة إعادة تدوير النفايات بين الطلاب.