زحلة ـــ نقولا أبو رجيلي«بصمتي غير صالحة». هي المرّة الخامسة التي يخرج فيها أبو هشام من بلدة تعلبايا في البقاع من مركز إنجاز الهويّات في سرايا زحلة بهذه الجملة. سئم الرجل من «الشنشطة»، فكاد يمزّق بيان قيده الإفرادي لولا تدخّل رجل الأمن الواقف عند الباب. يقول أبو هشام بلهجة غاضبة «هيدا مش مركز استقبال طلبات الهويّة هيدا مركز لإذلال الناس». ويكمل باللهجة الغاضبة نفسها «ما بقى بدي تذكرة، هيدي خامس مرة بينرفض طلبي وصرت دافع شي 40 ألف ليرة حق طوابع». ما يعانيه أبو هشام، عاناه مواطنون في مواطن أخرى، حيث لم تصل إلى المركز حتى الآن آلة أخذ البصمات «السكانر الألمانية». وهنا، لا يجد أبو هشام مفرّاً من التساؤل عما «إذا كانت البطاقات ستنجز قبل موعد الانتخابات، وخصوصاً أن هناك المئات من الطلبات المرفوضة بصمات أصحابها». ثمّ يعلّق ساخراً «لا يمكن أن تنجز قبل الخامس والعشرين من الجاري، فهذا الوقت ليس كافياً لاستكمال هذه المئات من الطلبات، وخصوصاً أنّ الموظفين لا يستطيعون استقبال أكثر من ستة أشخاص في اليوم الواحد وخلال الدوام الرسمي». ليس أبو هشام وحده من يعيش هذه المعاناة، فالكثيرون سئموا من الانتظار لساعات في أروقة الطبقة الأرضية لمبنى سرايا زحلة، حيث المركز.
«ما حدا يستفيد من هذه البهدلة إلا الدولة اللي عم تاخد حق الطوابع وصاحب الكافيتيريا هنا اللي ما عم يهدا كل النهار»، تقول سيّدة مسنّة تعبت من «الوقوف ثلاث ساعات هون». ثم تلتفت نحو السيّدة الواقفة إلى جانبها، موجّهة لها الكلام «دخلك نحنا شو بعد بدنا بالتذاكر؟ مين بيدري مين يعيش، بس هالمعترين ولادنا شو بدهن يعملوا؟». في مكان آخر ليس بعيداً عن السيّدتين، يعلو صراخ أحد المواطنين. كان يوجّه كلامه لأحد الموظّفين في المركز، قائلاً «يا إخوات ... ما بقى بدي تذكرة، بينتخب ولا عمروا ما حدا ينتخب، شو جايينا منهن إلا الخطابات والشعارات». عندما يعلو الصراخ أكثر، يتدخّل مختار بلدة كفرزبد يوسف فريحة لتهدئة الرجل. إلا أنّ «الواسطة» لم تنجح في منع هذا الرجل من تمزيق الوصل المخصّص لاستلام الهوية.. متوّجة بعبارة «بصمات غير صالحة» للمرة الرابعة. وأمام كل هذا، يطرح فريحة حلاً للأزمة، فيقول «فليعيدوا الطلب المرفوض إلى صاحبه، وهو بدوره يستكمل النواقص فيه بدلاً من إعادة تحضير طلب جديد وما يتبع ذلك من صور جديدة ودفع سعر الطوابع». ويستند فريحة في طرحه، إلى آراء معظم المواطنين الذين رفضت طلبات هوياتهم مرات عدّة في أوقات سابقة، بحيث يمكن لهؤلاء «استعمال هذه البيانات عند تقديم طلبات جديدة، ناهيك عن استخدامها مستنداً بديلاً عن الهوية في تنقلاتهم».