عكار ــ روبير عبد اللهفالطريق شُقّت منذ أكثر من خمسين سنة، عندما كان في نيّة الدولة اللبنانية أن تبسط سلطتها كاملة على مجمل أراضيها. ولولا ذلك، لما كانت عكار قد عرفت حتى الطرقات السيّئة المنتشرة بين قراها. ولا يحتاج المرء إلى دقة ملاحظة ليدرك، وهو يتنقل بين طرقات القرى التي تملأ الحفر معظمها، أنّ تأهيل تلك الطرقات بات يتطلّب مشروع دولة جديد.
وإذا وجدنا استثناءً أو أكثر بالنسبة إلى بعض طرقات عكار، فإن العارفين بالأمور يدركون أن الأمر يعود إلى مبادرات خاصة، يقوم بعض كبار الساسة المحليين، سواء أكانت من خلال تبرّعاتهم الخاصة أم من خلال فوزهم بتلزيم هنا أو هناك.
ما من أحد يصدّق أن تلك الطريق تؤدي إلى مناطق سكنية يسكنها عشرات الآلاف من الناس المنتشرين بين شدرا ومشتى حمود ومشتى حسن وقرى وادي خالد، وأن المسافة القصيرة التي تفصل بين شدرا والعديد من قرى وادي خالد مثل قرحة أو رجم عيسى أو رجم حسين أو العوادة تستغرق قرابة ساعة من الوقت، ولا سيما في فصل الشتاء. هذا مع الإشارة إلى أن السيارات يمكن أن تمر داخل بلدة شدرا، وهي تفعل ذلك في معظم الأحيان، فتسبّب زحمة نتيجة ضيق الطريق عندما تبلغ وسط البلدة. ومع ذلك، يعلّق أحد أعضاء المجلس البلدي بأن أهالي شدرا لا يبدون أيّ استياء من مرور أبناء القرى المجاورة بين منازلهم. فالطريق، بحسب تعبيره، ملك عام من ناحية، ومن ناحية أخرى، أهالي شدرا يتمتعون بعلاقات متينة مع أبناء القرى المجاورة، وهم يحرصون على ديمومة التواصل معهم. لكنّ الشاحنات الكبرى تعوق حركة المرور. وعليه، قامت البلدية بمراجعة المحافظ والقائمقام بغية منع الشاحنات الكبيرة من المرور داخل البلدة، لكنها لم تحصل على التجاوب المطلوب، يضيف عضو المجلس البلدي. وفيما يؤكد الأهالي أنهم سئموا المراجعات، يتساءلون: ولكن إذا كانت حركة الشاحنات، وبالتالي حركة نقل البضائع المسمّاة تجاوزاً «تهريباً»، تتخطى حدود أبناء المنطقة، ألا تملك تلك اليد الخفية التي تحرك آليات «التهريب» أمام أنظار الجميع القدرة على تحسين حال الطريق، تسهيلاً لحركة مرور بضائعها على الأقل؟