اليابان كما نتخيلها هي بامتياز بلاد القرن الواحد والعشرين، بعض الزوار من البلدان العربية أصيبوا هناك فعلاً بـ«صدمة حضارية»، كل شيء ممكن، التقنيات الذكية في خدمة الإنسان في كل تفصيل من تفاصيل الحياة اليومية، من باب التاكسي، إلى طاولة المطعم ... إلى دورة المياه. جزيرة شيكوكو تجعل الزائر يتساءل إن كانت تنتمي حقاً إلى اليابان، هدوء الحياة فيها يتناقض مع كل ما يمكن أن تراه أو تعيشه في طوكيو مثلاً، التجول في أنحاء الجزيرة سيمثّل مفاجأة أخرى، ففي الجزء الشمالي منها مساحات مخصصة للمصانع المتنوعة. في هذه الجزيرة يتجاور مشهدان متناقضان، الأول ريفي ينتمي إلى مرحلة ما قبل الثورة التكنولوجية، والثاني يتكوّن من مناطق صناعية مزدهرة وناشطة.المناظر طبيعية وجبلية في هذه الجزيرة، يعيش فيها المرء أو السائح بإيقاع بطيء، سلس، يشعر بأنه يملك وقته حتى يكتشف الأشياء والمناظر.
الوصول إلى هذه الجزيرة يتطلب من السائح المرور في محطات يابانية عدة، من العاصمة أو إحدى المدن الكبرى الأخرى، يمكنه التوجه بالطائرة أو القطار إلى مدينة هونشو التي يربطها بجزيرة شيكوكو جسر يبلغ طوله 12 كيلومتراً. عند الوصول إلى شيكوكو (الاسم يعني: البلدان الأربعة)، الترامواي أو القطار من أفضل وسائل النقل فيها، المحطة الأولى هي محطة ماتسوياما ومنها يتم الانطلاق نحو محلة «دوغو» حيث منتجع المياه الصحية.
بعد ذلك سيقودك القطار إلى منطقة جبلية تُعرف بـ«أوشيكو»، هناك تكثر المتاجر ذات الطابع المعماري القديم، المشهورة بالستائر الخشبية اليابانية التراثية.
منطقتا أوكواما وكوشي، هما أيضاً منطقتان جبليتان بامتياز، غاية في الهدوء، تطغى عليهما قواعد الحياة في الريف، إذا وصلت عند التاسعة مساءً إلى إحدى هاتين المنطقتين فإنك ستواجه صعوبة بالغة في إيجاد مطعم لتناول وجبة العشاء، ستكتفي بمتجر صغير يقدم البيض والخبز مثلاً. وإذا تأخرت دقائق عن موعد انطلاق القطار، فلا تخف، السائق في هذه المناطق الهادئة لا يقلع، كما اليابانيون الآخرون، عند الوقت المحدد، ستُفاجأ مثلاً به يعلن عبر مكبر الصوت «نرجو من الركاب أن يسمحوا لنا بالتأخر لدقائق، قد يكون هناك راكب عاكسته الظروف فتأخر عن الموعد قليلاً».