خضر سلامةيجب عليك أن تكون لبنانياً حتى النخاع، ومغترباً، حتى تشعر بمستوى المعاملة في السفارات اللبنانية في الخارج، فمثلاً، تفتح القنصلية اللبنانية في باريس أبوابها من الاثنين إلى الجمعة، ثلاث ساعات في اليوم لا أكثر، من التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة. ولحّق الدوام يا شاطر إذا فيك. فمن المعروف عن الدوائر الرسمية اللبنانية ولا سيما السفارات، التزامها الدقيق بالإجازات والعطل الرسمية، وعدم التزامها بأي شكل بالدوامات الرسمية.
الاستقبال البارد والمتأفف هو الذي يليق بقيمة أي مواطن من العالم الثالث، ولا سيما العربي، لدى حكومته، والمعاملات تحتاج إلى انتظار انتهاء فنجان قهوة السكرتير أو انتهاء مكالمته الخاصة التي تشغل خط السفارة وبال المواطن ووقته.
في العادة، لست ناقداً سياسياً ولا أهوى افتعال المشاكل، ولا أملك أي ملاحظة على أداء الوزير صلوخ، الذي لم أتشرف بعد بسماع تصريح مصيري له أو تعليق ما على حال المغتربين وحاجتهم. معذور، لا بد أنّه كان مشغولاً بشيء أهم خلال الثلاث سنوات الماضية. لا أهتم بالإصلاحات في وزارة الخارجية، ولا أتابع أخبار التغيير والإصلاح ولا كتلتهما، لا أقاتل و«أشارع» على حق المغترب في الاقتراع. أنا مجرد مواطن لا أكثر، مخلوق بشري لبناني مغترب، أقصى ما أطمح إليه، هو أن أعامل بالطريقة نفسها التي تعامل بها السفارة الإثيوبية جاليتها في لبنان وقرارها منع دخول العاملات الإثيوبيات لفترة بسبب سوء المعاملة. أقصى ما أطمح إليه، أن تكون العربية هي اللغة الرسمية في التعامل مع الجالية اللبنانية ذات الوجه العربي والقفا أيضاً، لا أن تكون العربية المكسورة بالفرنسية والمنقّحة بشيء من الفينيقية هي اللغة، وأن تنتهي معاملاتي قبل انتهاء العام الدراسي، وأن تسأل عن أحوالي سفارة بلادي إذا غدر بي الزمن يوماً.
الخط لا يزال مشغولاً، والساعة قاربت وقت انتهاء الدوام، آخ، يا كبير!