تدمج ثانوية الرحمة التابعة لجمعية المبرات في النبطية التلامذة الذين يعانون صعوبة في اكتساب المفاهيم الرياضية في الصفوف العادية
كامل جابر
«هيا نلعب ونتسلّ، سأبدأ الحصة بأحجية صغيرة، ومن يملك الإجابة الصحيحة فليرفع إصبعه»، تقول المعلمة وتزيد: «اسمعوا. أنا شيء يُعلّق على الحائط، وفي الوقت عينه يمكن لأي شخص أن يحملني معه. إنني أساعد على تحديد الوقت. فمن أنا؟». يرفع علي إصبعه ويجيب: «إنها الساعة». حوار استهلالي بين معلمة الصف الثالث ابتدائي وتلامذتها في ثانوية الرحمة، في النبطية، تمهيداً لحصة الرياضيات المشتركة بين التلامذة العاديين وزملائهم ممن يعانون صعوبة في اكتساب المفاهيم الرياضية أو «الديسكالكوليا».
تتابع المعلمة المختصة حصتها بمساعدة معلمة أخرى، فثمة مزيج من التلامذة الذين سيتلقون الحصة عينها، لكن بأسلوب متباين بين فريق وآخر. «إنها موجبات الدمج»، تشرح المعلمة لـ«الأخبار» وتباشر بتوزيع نوعين من البطاقات على التلامذة، يعتمد أحدهما على الأسئلة العادية المباشرة، ويبحث الآخر عن الأجوبة نفسها لكن بالصورة. ثم تحدد وقت الإجابة بسبع دقائق، وللتحفيز: «من يُجب على كل أسئلة البطاقة ينلْ بطاقة التقدير المعتادة التي ستعلّق على اللوحة وتحمل اسمه». وتقول: «البطاقة التي توزّع على التلامذة تخدم الهدف نفسه، لكن بطريقة أسهل لمن يعانون ضعفاً في الرياضيات».
توضح منسّقة قسم الدمج التربوي في النبطية رنا ريحان «أننا نستخدم الوسائل الحسّية والملموسة لإيصال المهارات: رسم ومكعبات وأدوات صناعية وتكنولوجية وغيرها للوصول إلى المجرّد. فالمعادلة 3 + 7= 10 قد تأخذ سنة دراسية وربما اثنتين أو ثلاثاً. وتلفت إلى «أننا استحدثنا قسماً مستقلاً يدير عملية الدمج بين الفئات المتفاوتة من التلامذة وتشغيل صفوف متخصصة لمن يعانون صعوبات مطلقة». و«الديسكالكوليا مشكلة نتدخل باكراً لحلّها، فنعرّف التلميذ مثلاً إلى كيفية توزيع ثلاثة أقلام على الأشخاص المناسبين، وكم صحناً يجب عليه أن يضع على طاولة لستة أشخاص. الأمر يتعلق بطريقة تشغيل الدماغ، وخصوصاً الجهة التي تؤثر في هذه الصعوبة»، تقول ريحان. وتنفي أن يستدعي نشاط كهذا أن يوضع الطلاب الذين يعانون «الديسكالكوليا» في صف مستقل، بل قد نستخدم بعض وسائل الإيضاح ودلائل مرمّزة مثل لوحة المكعبات، لأن الرياضيات تحتاج إلى قراءة، على حد تعبيرها.
وتشير ريحان إلى أن قسم الدمج في ثانوية الرحمة، وخصوصاً لمادة القصور في الرياضيات، «مجهز بالمعدات والمتخصصين، وأي مهارة نريد إيصالها إلى المتلقّي نوفّر مادتها الضرورية». وتشرح أنّه لا يكاد يمر يوم من دون تشغيل الأولاد بصور الفوارق، ولو خمس دقائق في اليوم». وتقول: «بدأنا بتعليم استخدام الآلة الحاسبة لمن يعاني صعوبة في الجمع وتحديد الأغراض التي يريد شراءها».
تظهر الصعوبة في الرياضيات في العمر المبكر عند الصبيان أكثر من البنات، وخصوصاً في مرحلة رياض الأطفال. وعند البنات من الصفوف الابتدائية وما فوق، في الحلقة الثانية. وترتبط الصعوبة بالنشاط الجسدي المتفاوت بين الصبي والبنت، بين سن وأخرى. وترى ريحان أنّ أسباب «الديسكالكوليا» قد تكون خلقية ناتجة من إصابات في المخ، أو نقص في الأوكسيجين خلال عملية الولادة، أو ربما تعود إلى مشاكل عصبية، وتتحدد في الذاكرة العاملة لا في الذاكرتين الطويلة والقصيرة. وتشير الدراسات إلى أنّ 22% من أفراد المجتمع يعانون صعوبات في الرياضيات، و6 % من الأطفال لديهم مشاكل واضحة في الرياضيات. كذلك قد تصل النسبة لدى تلامذة المدارس إلى 7%.
ومن الثُغر التعليمية التي تحددها ريحان تعلّم الرياضيات بلغة ثانية، «إذ يجب تعليمها باللغة الأم المحكية قبل الرابع ابتدائي».