لا يخلو الحديث مع طرفي العلاقة، صاحب العمل والعاملة الأجنبية، من انفعال، وخصوصاً عندما يكون محوره حقوق العاملات. هذا هو الانطباع الذي نخرج به بعد جولة يرافقنا فيها عقد العمل الجديد الذي سنعرضه على الطرفين.إلهام، ربة منزل ستينية، لا تتيح أي فرصة لإكمال قراءة بنوده. ما إن نصل إلى البند الثالث، الذي ينصّ على عدم استخدام العاملة في أي مكان آخر يختلف عن محل إقامة رب عملها، حتى تقاطعنا كأنها تردّ تهمة عن نفسها: «ومن قال إني أرسلها للعمل في مكان آخر؟». عند البند الـ6 توضح مجدداً: «ولا مرة دفعت لها متأخّراً، هيي بتقول خليهون معك»، لتصرخ مع الوصول إلى البند الـ12 الذي ينص على حق العاملة في يوم عطلة أسبوعية و6 أيام إجازة سنوية: «كيف يعني 6 أيام؟ قد تخرج وتعود حاملاً، من يتحمل المسؤولية عندها؟».
أما نوال، سيدة خمسينية، فتستمع بانتباه إلى كلّ بنود العقد، ولا تعلّق إلا بعد أن تسأل: «هذا كلّ شيء؟». عندها تكرّر ما قالته مواطنتها: «ماذا ستفعل خلال الأيام الستة؟ أين ستذهب؟».
صحيح أن عقد العمل يشترط اتفاق الطرفين على طريقة الاستفادة من الإجازات. «لكن من سيقنع العاملة بأنه لا يحق لها الاستفادة بها على ذوقها؟» تقول نوال، ساردة عشرات القصص التي تعرفها عن عاملات يخرجن ليقمن مع عمّال أجانب من جنسيات سورية ومصرية وسودانية. «عدا ذلك من بنود العقد، ليس هناك أي مشكلة».
بدورها تينا، إثيوبية، تعمل في لبنان منذ خمس سنوات، لا تمنع نفسها من التعليق عند كلّ بند من بنود العقد. «إيه هيدا منيح. كمان منيح. حلو»... لكن السؤال الذي تطرحه في النهاية يأتي من خارج السياق: «من يضمن تطبيق هذه البنود؟ من سيعرف إن كنا قد نمنا 8 ساعات في الليل أو أقلّ؟ إن كنا نتناول الطعام أم لا؟ كيف نبرهن على هذه الأمور؟».
أما مواطنتها سارة، التي يرضيها العقد عموماً لأنه يعترف أخيراً بحقوق العاملات الأجنبيات، فتبدي إعجابها بالبند الذي يسمح للعاملة بفسخ العقد إذا لم تتقاضَ راتبها خلال ثلاثة أشهر: «إذا أمكن تطبيق هذا البند بيكون كثير منيح».
لكن تينا وسارة لا تعتقدان أن المشاكل الموجودة قد تنتهي مع بدء توقيع هذا العقد «لأن الأمر يتعلق بنظرة اللبنانيين الفوقية إلى العاملات». تقدّم الفتاتان أمثلة من خلال ما تتعرضان له عندما تخرجان إلى الشارع، مثل محاولات التحرّش: «تتوقف سيارة آخر موديل وسائقها بيكون كثير مرتب، ليقول لي اطلعي بعطيكي 5 دولارات»، أو العنصرية: «إذا استقللنا الباص وجلسنا، ثم ازدحم لاحقاً، ينظر إلينا اللبنانيون كأننا نأخذ حقاً من حقوقهم».