غادة دندشالـ Papilloma virus) HPV) أو فيروس الورم الحليمي البشري هو مرض جرثومي معدٍ يصيب الجلد والأغشية المخاطية في جسم الإنسان، لدى النساء والرجال وفي مختلف الأعمار. حدّد العلماء حتى اليوم وجود 200 نوع منه، تنقسم إلى مجموعات بحسب الإصابات التي تسببها وأماكن انتشارها في الجسم. المجموعتان الأساسيّتان هما المجموعة التي تصيب الجلد، وتنتقل عبر الاحتكاك مع مصاب، والمجموعة التي تصيب الأغشية المخاطية، لا سيّما المناطق الجنسية، وتنتقل عبر إقامة علاقة جنسية مع مصاب. وتحتوي المجموعة الثانية على نوعين من المجموعات، الأولى تسبّب حالات يعالجها جهاز المناعة بنفسه، أو أنها قابلة للتجاوب مع بعض الأدوية والإجراءات الطبّية المعتمدة، والثانية تسّبب الإصابة بسرطان عنق الرحم لدى النساء. أكثر عوارض الإصابة بالـ HPV شيوعاً ظهور ورم الـ Condylomes الجلدية أو المخاطية، أو ما يُسمى بـ «السعدانة». وتعدّ هذه العدوى من أكثر الأمراض التناسلية انتشاراً، وهي قد تصيب أي شخص يمارس نشاطاً جنسياً، وإن اقتصر ذلك على المداعبات الخارجية. ومن الممكن انتقال العدوى عبر الاحتكاك بأدوات أو ملابس ملوّثة. في حالات نادرة تنتقل العدوى من الأمّ إلى وليدها خلال عملية الولادة، وقد تظهر الإصابة لدة الطفل بعد فترة زمنية في الشرج أو الأعضاء التناسلية وفي الحنجرة والمجاري التنفّسية.
إن المدّة الزمنية التي تفصل عملية الاحتكاك وظهور الإصابة تتراوح بين بضعة أسابيع إلى عام كامل، وفي بعض الأحيان إلى سنوات عدّة، لذا من المستحيل تقريباً تحديد وقت الإصابة بدقّة. إن أنواع الـ HPV التي تصيب الأيدي والأرجل لا تنتقل إلى الأعضاء التناسلية. الثآليل التي تصيب الأعضاء التناسلية قد تظهر منفردة أو في مجموعات، ومعظم هذه السعدانة يختفي بعد فترة تتراوح بين بضعة أشهر أو سنوات عدّة حسب قوّة جهاز مناعة المصاب، هذا طبعاً في حالة الثآليل التي تنمو في المناطق الخارجية للأعضاء التناسلية. أما السعدانة التي تنمو في الداخل والتي في الكثير من الأحيان لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة فهي الأكثر خطورة لأنها تحتوي بمعظمها أنواع الـ HPV المسببة لسرطان عنق الرحم. هذه الحالات تتطلّب من أجل الكشف عنها القيام دورياً بـ«فحص الزجاجة» frottis du col uterin. هذا الفحص يكشف التغيرات التي تطرأ على الخلايا والأنسجة بسبب وجود الجرثومة في داخلها. إن أهمية إجراء هذا الفحص دورياً لدى النساء اللواتي يمارسن نشاطاً جنسياً مهما كان نوعه تكمن في كون تطوّر الإصابة يستغرق في الكثير من الأحيان سنوات طويلة، وهو لا يترافق غالباً مع أية عوارض أو أوجاع حتى بلوغه المراحل السرطانية المتقدّمة. من أساليب الوقاية التي ينصح بها الاختصاصيون استخدام الواقي الذكري الذي يخفف من نسبة الإصابة دون أن يلغيها (بسبب طبيعة الجرثومة التي قد تكون في مناطق لا يغلّفها الواقي) وحصر ممارسة النشاط الجنسي بشريك واحد ما أمكن لأن احتمال الإصابة يرتفع مع ازدياد عدد الشركاء. ليس هناك حتى يومنا هذا علاج نهائي لعدوى الـ HPV، لكن هناك بعض الإجراءات الطبّية التي يقوم بها الاختصاصي، مثل استخدام الأزوت السائل على السعدانة مباشرة أو كيّها بالليزر أو استخدام بعض المراهم. كما تُجرى بعض الأبحاث من أجل العمل على تقوية جهاز المناعة في مقاومة هذه الجرثومة بالتحديد. كما بات متوافراً الآن لقاحان للـ HPV يُنصح باعتمادهما رسميّاً من أجل تلقيح الفتيات والنساء وذلك في سنٍّ مبكرة. ولكن هذين اللقاحين، رغم اعتمادهما في الكثير من الدول الأوروبية والأميركية وفي لبنان أخيراً، ما زالا مدار بحث ونقاشات حادة بين الاختصاصيين والأطباء النسائيين، بسبب طريقة اعتمادهما وتوقيت تلقيح الفتيات بهما والآثار الجانبية التي ظهرت على عدد لا بأس به من الفتيات اللواتي تلقّين لقاحاً.