جلنار واكيمهل أحسست يوما بأنك في حاجة لأن تعيش عاريا؟ قد تفاجئ هذه الرغبة الكثيرين، و قد تثير غضب و ثورة الكثيرين أيضا.
«الانسان ولد عارياً... فلماذا لا يكمل حياته عارياً؟» هذا هو السؤال الذي طرحه الطبيعيون Naturaliste، إنهم أشخاص لا يخشون اظهار أجسادهم كما هي، قرروا أن يعيشوا في كافة الأوقات و الأماكن و أمام كافة الأشخاص «على الطبيعة».
في أوروبا، وفرنسا بشكل خاص، تعتبر حركة «الطبيعيين» حركة منظمة كالأحزاب، الإنتساب إليها يؤهل الأعضاء الدخول الى أماكن محظورة ، وللحركة فلسفتها، وبعض «أبطالها» يقبعون في سجون أوروبية.
تتميز هذه الحركة بالعلاقة السلمية التي يعيشها الانسان مع جسمه، فلا يخفي أي جزء منه بقطع من القماش أو الملابس. في الوقت ذاته، يتماشى ذلك مع احترام للجسد و للآخر، فلا يترافق ذلك مع ممارسات جنسية أو اباحية، بل على العكس، «الطبيعيون» ينظرون الى بعضهم البعض باحترام فائق. و اذا صحت المقارنة تشبه هذه العلاقة الى حد كبير علاقة الحيوان مع جسمه. فلا يطرح السؤال اذا ما كان جسمه عاريا أو لا. و كما أن الحيوان يلبس فروة، فالانسان يلبس جلده.
ولدت حركة الطبيعية الأوروبية في فرنسا في العشرينيات، بدعم من مجموعة من الأطباء وأفراد كانوا يتوقون الى العيش «بشكل صحي». ثم تطورت هذه الحركة في الأربعينيات، تحت تأثير البير لو كوك، لتصبح حركة معترف بها اجتماعيا. ثم تأسست جمعية للطبيعيين عام 1950 وتضم اليوم 160 جمعية و 85 مركزا خاصا للطبيعيين، منها مراكز للمؤتمرات و أخرى لتمضية العطل.
« الطبيعيون» أناس من كافة الشرائح الاجتماعية و من كافة الأعمار و الأجناس. لا يتمتعون دوما بأجسام جميلة أو رياضية، بينهم أطباء و مهندسين وعمال وغيرهم... بعضهم خضع لعمليات جراحية أو مر بتجارب جسدية صعبة. تروي سيلفي أنها بعد عام من المعانة مع مرض السرطان، وجدت جسمها مهشما من العمليات الجراحية، فزادها هذا الموضوع خجلا، حتى باتت لا تذهب الى البحر خوفا من نظرات الأخرين. و في يوم أقنعها صديق لها، و هو عضو في حركة الطبيعية بأن تتخلص من هذا الخوف من جسمها، إنضمت إليه في نزهة في غابة المعزولة للطبيعيين. انتعلت حذاءها وحملت حقيبتها فقط. ووجدت ان أحدا لم ينظر اليها بشكل سيئ. يومها أحست سيلفي بأنها تخلصت من خوفها من هذا الجسم المهشم.
يعتقد المنتسبون إلى هذه الحركة بأن الآخرين يرتدون الملابس ليس بهدف تغطية أجسادهم و حسب، بل للاغواء، ويضيفون أن «غير الطبيعيين» يضعون المجوهرات و الزينة و الجلود و الفرو للتركيز على الشكل الخارجي، ويضيفون أن الوظيفة الاساسية للملابس لم تعد التجفئة، بل تحولت وسيلة تميز بين الفقير والغني.
أثارت حركة الطبيعية اهتمام وسائل الاعلام ألاوروبي. و هنا شهد الصحفيون حوادث طريفة، و أخرى غريبة. فعلى سبيل المثال، فأمضى بعضهم فترة من الزمن «على الطبيعة» في تجمعات للـ «طبيعيين»، وكتبوا عن تجاربهم هذه. كما تمكن العديد من الصحفيين في الدخول الى «المنتجعات» التي يمضي فيها المنتسبون للحركة أوقات العطلة، وفي هذه الأماكن تختلف الحياة عما تشهده يومياتنا العصرية، إذ يُشترط بالراغب في الإنضمام إليها التخلي عن كافة اختراعات الانسان المضرة بالبيئة.