أنجز طلّاب السنة الثالثة ــ صحافة إذاعية وتلفزيونية في كلية الإعلام ــ الفرع الأول تحقيقاتهم المصوّرة. الطلاب اصطدموا بعدم معرفتهم بقواعد العمل وغياب الكاميرا والميكروفون وأدوات المونتاج عن كليّتهم، ما كبّدهم أكلافاً وصلت في بعض التحقيقات إلى 300 دولار!
سمية علي
لم تكن تجربة التحقيق المصوّر مشجعة لمعظم طلاب السنة الثالثة ـــــ صحافة إذاعية وتلفزيونية في كلية الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية. فالاحتكاك الأول للطلاب بالمهنة، لجهة استخدام أدوات الإنتاج والتحرير، اصطدم بكثير من العوائق التقنية والمهنية. «لم نتعلم شيئاً عن التصوير والمونتاج والإخراج وكتابة التحقيق أو (script) في السنتين الأولى والثانية»، تقول الطالبة في السنة الثالثة في قسم الصحافة منى زعرور. وتصف التحقيق المصوّر بالمهمة الصعبة والمفروضة، لأنها لن تنال علامة على العمل التطبيقي إذا لم تنجز التحقيق في الوقت المحدد.
لكن عدم إتقان قواعد العمل ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه الطلاب. فتوفير التجهيزات من كاميرا ومونتاج يقع على عاتقهم أيضاً. إذ لم يستطع وسيم عرابي في تحقيقه عن الأدوية المزوّرة مقابلة وزير الصحة العامة الدكتور محمد جواد خليفة بسبب عدم توافر الكاميرا في اللحظة المناسبة. يتمنّى عرابي «لو أن الجامعة توفّر لنا الكاميرا، أو تصلنا على الأقل بشركة مونتاج تتعامل معنا كطلاب، فتقدم لنا أسعاراً خاصة!». هنا تتدخل ملاك دياب، فتتحدث عن صديقة لها في جامعة خاصة استعانت بكاميرات الجامعة لإجراء تحقيقها، وبقي على الطالبة كتابة الـscript وتنفيذ التحقيق، مشيرة إلى أنها هي أيضاً ألغت مقابلة مهمة بسبب التأخير في توفير ميكروفون!.
أما الطالب بلال عبود، فصوّر تحقيقه عن الدراجات النارية بكاميرا فيديو يملكها، وأنجز مراحل العمل بنفسه لتقليص الكلفة. ويبوح مبتسماً: «تركونا نغرق في وحول التطبيق!». تضحك بتول مرعي لعبارة صديقها وتضيف: «لم تُظهر الإدارة اهتماماً بنا يوماً. فالاستوديو الموجود في الطابق الأول مغلق، ولم نستعمله سوى مرة واحدة، وكليّتنا تفتقد الكثير من التجهيزات».
المشكلة الأساسية التي واجهت ساندريلا رافع كانت إيجاد مصوّر بكلفة «معقولة» يستطيع مرافقتها في جميع المقابلات لإجراء تحقيقها عن التحرّش في النقل العام. تقول: «ألغيت عدداً من المقابلات أو خففت من عدد المشاهد المصوّرة كي لا أستخدم المصوّر أكثر من يومين. ومع هذا، فقد بلغت كلفة العمل بين مونتاج وتصوير نحو150 دولاراً». لكنّ حمزة الحاج حسن آثر خلافاً لبعض زملائه الاستعانة بمصوّر متخصص. والسبب، يقول: «سعيت إلى إجراء تحقيق على مستوى عالٍ من المهنية عن عقد المتعة، لذا بلغت الكلفة 300 دولار أميركي».
أما مريم ترحيني فلا تطلب من كليّتها توفير كاميرا أو ميكروفون أو التعاقد مع شركة مونتاج تمنحها وزملاءها أسعاراً خاصة، بل إيلاء المواد التطبيقية اهتماماً أكبر في السنتين الأولى والثانية، لكون التجربة كشفت لها «أنّني أفتقد الكثير من المهارات على المستوى العملي، وهذا ليس مقبولاً، وخصوصاً أنني في السنة الدراسية الأخيرة».
ومع ذلك، فغياب التجهيزات لاعتبارات تتعلق بموازنة الجامعة اللبنانية «لا يعني أن نمتنع عن تكليف الطلاب بأعمال تطبيقية»، يقول الدكتور أحمد زين الدين، أستاذ مادة التحقيق والمقابلة: «لكننا نراعي الأوضاع الصعبة للطلاب». أما مدير الكلية الدكتور مصطفى متبولي فينفي وجود أي مشكلة، لأن إدارة الكلية تعاقدت مع وزارة الثقافة لإعطاء الطلاب دروساً في المونتاج خلال هذا الفصل، ويدعو الطلاب إلى مراجعة الأستاذ الذي أوكلهم بالعمل التطبيقي، «فالمسؤولية لا تقع على عاتق الإدارة».


توظيف العلاقات الشخصية

حالف الحظ بعض الطلاب الذين صادفوا أشخاصاً تربطهم بهم معرفة سابقة، «فوفّروا لنا التصوير والمونتاج بأسعار متواضعة جداً»، تقول جوانا الحلبي، التي أعدّت وزملاءها في الفريق تحقيقاً عن الكوفية الفلسطينية. تضيف: «لم تواجه مجموعتنا مصاعب تذكر، وخصوصاً أنّ كلفة المونتاج لم تتجاوز 45 دولاراً أميركياً». والفريق لم يجد صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات، لكون تصوير التحقيق تزامن مع نشاطات تضامنية مع القضية الفلسطينية، ولاسيما الأسبوع الذي نظّمه طلاب الجامعة الأميركية في بيروت دعماً للكوفية والشعب. لكن هذا لم يمنع جوانا من تسجيل تضامنها مع زملائها الباقين بوجود مشاكل عدة، وخصوصاً لجهة «افتقار الكلية إلى التجهيزات المطلوبة».