تستمر التحقيقات في جريمة قتل المواطن لطفي زين الدين، بالتزامن مع تحقيق في حصول تقصير أمني قبل وقوعها. وحتى مساء أمس، لم تكن قد هدأت التوترات التي أعقبت الجريمة، وسط تأكيدات برفع الغطاء عن المخلين بالأمن اعترض مجهولون ليل أمس طريق عدد من حافلات نقل الركاب الآتية من دمشق، بعد اجتيازها نقطة عبور المصنع الحدودية. وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إن مجموعة من الأشخاص المجهولين رشقوا بالحجارة 3 حافلات على متنها لبنانيون كانوا في زيارة دينية لمقام السيدة زينب في دمشق، ما أدى إلى تحطم زجاج إحدى الحافلات وإصابة المواطنة فاطمة فقيه بجرح طفيف. وعلى الفور، تدخلت وحدات مؤللة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وعملت على توفير الحماية الأمنية للحافلات اللبنانية التي تابعت سيرها الطبيعي بعد مدينة شتورة، فاتجهت كل واحدة إلى مقصدها.
وكانت الطريق الدولية من المصنع حتى دير زنون ـــــ بر الياس قد شهدت ليل أول من أمس حادثة مشابهة تمثلت في اعتراض مجهولين حافلة ركاب صغيرة على طريق عام المصنع ـــــ شتورة، كان ركابها قادمين من دمشق. وعند وصول الحافلة إلى بلدة بر الياس البقاعية، رشقها المجهولون بالحجارة، بعدما وجّهوا الشتائم إلى ركابها، شتائم من النوع المعتاد لبنانياً، إذ استهدفت رموزاً دينية وسياسية. وقال شهود عيان في المحلة لـ«الأخبار» إن الحافلة تابعت طريقها بسرعة باتجاه بيروت بعدما أصيبت بأضرار مادية طفيفة. وفور شيوع الخبر، جمعت القوى الأمنية 10 حافلات كبيرة تضم أعداداً مماثلة لركاب الحافلة التي تعرضت للاعتداء، عند نقطة المصنع الحدودية، وواكبتها قوة من الجيش اللبناني على طول الطريق الدولية حتى وصلت إلى منطقة شتورة.
ورفضت مصادر مقرّبة من تيار «المستقبل» في البقاع «تضخيم هذه الإشكالات»، واصفةً ما جرى بأنه «ردة فعل عادية على ما جرى في بيروت (قتل لطفي زين الدين)، قام بها عدد قليل من الفتيان».
وكانت طريق شتورة ـــــ زحلة قد شهدت محاولة لقطعها في اليوم السابق في بلدة جلالا، رداً على قطع طريق شتورة ـــــ بيروت في بحمدون وعاليه، رداً على قتل المواطن لطفي زين الدين في بيروت يوم 14 شباط الجاري. وفي هذا الإطار، تابعت مديرية استخبارات الجيش تحقيقاتها في جريمة قتل زين الدين، فدهمت فجر أمس منازل عدد من المشتبه فيهم الذين سلّم أحدهم نفسه إلى الجيش.
وقبل حادثة المصنع أمس، كانت القوى الأمنية والعسكرية قد نجحت في ضبط الوضع الأمني في البلاد، إذ لم تسجّل أي حادثة أمنية (على خلفية التوتر السياسي) طوال نهار أمس، بعد 4 أيام من التوترات المتنقلة التي سبقت وأعقبت إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأكّد مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى لـ«الأخبار» أن جميع القوى السياسية رفعت الغطاء جدّياً عن مناصريها الذين يتورّطون في أي خلاف أو جريمة. وكانت القوى الأمنية قد سجّلت حتى فجر أمس عدداً من الحوادث المتفرقة في أنحاء مختلفة من العاصمة وضواحيها والجنوب.
ففي صيدا، أحرق مجهولون فجر أمس مقهىً شعبياً على البولفار البحري لمدينة صيدا، يعود للمواطن الصيداوي وليد الزكنون. وأتى الحريق على محتويات المقهى من طاولات وكراسيّ. واتهم الزكنون أمام وسائل الإعلام صاحب العقار الذي يقع فيه المقهى بإحراق المقهى بسبب انتماء الزكنون السياسي ورفعه صوراً للرئيس الراحل رفيق الحريري وابنه النائب سعد الحريري. ولم تجد القوى الأمن ما يؤكد ادعاء الزكنون، علماً بأن خلافاً بين الطرفين قائم منذ زمن بسبب عقد الإيجار بينهما.
أما في بيروت، فقد أُلقيت قنبلة يدوية دفاعية عند رصيف النفق الشمالي المؤدي إلى مستديرة الطيونة باتجاه طريق المطار، وانفجرت فور ارتطامها بجدار النفق، ما أدى إلى أضرار فيه وفي مصابيحه، من دون أن يصاب أحد من المواطنين بأذى. وفي مكان آخر لا يبعد كثيراً عن الطيونة، ربما وصله صوت القنبلة أيضاً، شهدت منطقة الجناح (تحت جسر السلطان إبراهيم تحديداً)، إلقاء قنبلة جديدة بعيد منتصف الليل أيضاً، أمام أحد المقاهي (يعود للمواطن م. ش.)، لكن الإصابات لم تقتصر على الماديات هذه المرة، إذ أصيب المواطن علاء ب. (24 عاماً) بجروحٍ استدعت نقله إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي للمعالجة.
وكان مجهولون ملثمون قد ألقوا مساء أول من أمس زجاجة حارقة باتجاه قوة من الجيش في منطقة الطريق الجديدة، بعدما منعت القوة المذكورة شباناً من قطع طريق قصقص. وقد أوقف فرع المعلومات شابين إثر الاشتباه في مشاركتهما بالتصدي للجيش.
(الأخبار)


تحقيق في التقصير الأمني

كشف النائب وليد جنبلاط أمس عن وجود تحقيق في إمكان حصول تقصير من القوى الأمنية خلال وقوع جريمة قتل المواطن لطفي زين الدين يوم السبت الفائت. وذكر مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن كلام جنبلاط ناتج من ورود تقارير، قبل يوم من إحياء ذكرى 14 شباط، تتحدّث عن اجتماع أشخاص محددين في مناطق قريبة من ساحة الشهداء، واتفاقهم على مهاجمة عدد من المشاركين في الذكرى. ولفت المسؤول الأمني إلى أن القوى الأمنية المختلفة لم تتخذ تدابير وقائية لدرء ما حصل، وهو ما تحقِّق في صحته الجهات المعنية بالأمن العسكري في الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.