سارة أسعدبعد سلسلة من الكتب الناجحة والسهلة عن المجتمع اللبناني، ها هي «تورنيغ بوينت» تقدّم كتاباً جديداً، شكلاً ومضموناً، «Miss Guided» أو دليل الولوج في عالم النّساء اللبنانيات. الكتاب من تأليف أنيسة رفاعي، باللغة الإنكليزية، والرّسوم لبينوا دبّانة، من الحجم المتوسّط، مكوّن من أربعة عشر فصلاً ومهدى إلى كلّ من يحبّ النّساء اللبنانيات. تتنوّع الأبواب للتحدّث عن كلّ ما يمتّ للحياة اللبنانية بصلة، وهنا الكلام عن الصّبايا اللبنانيات، فتعالج الكاتبة بخفّة ومتعة مواضيع مثل اللباس، والتّسوّق، والخروج ليلاً للاحتفال، والأصدقاء، والعريس المنتظر، والعائلات اللبنانية، والعرس، والطعام، والسّيارات، والرّياضة والسّفر. يقسّم الكتاب إلى مقاطع صغيرة وخفيفة، تمزج بين الخطوط الجميلة «البنّاتيّة» والمقاطع بالخطّ العريض الزّهري (مغالاة في الأنوثة؟) ولكن تبقى للرسّوم الحصّة الأكبر من مساحة الصّفحات. تناقش الكاتبة حياة اللبنانيات بأسلوب لا يخلو من المتعة، وتسخر من «الحركات» اللبنانية، وتغمز من قناة المجتمع بدعابة «قُرب البحر من الجبل» والعادات العائلية في استقبال القادمين على المطار زرافات زرافات...
ترافق بعض الصفحات أيضاً جداول تضمّ نصائح وتوصيات في ما يتعلّق بعمليّات التّجميل، المشروبات الكحوليّة، كيفيّة التّصرف مع الأصدقاء والعائلة والـ«بوي فريند».
إلا أنّ الكاتبة تتعاطى مع موضوع اللبنانيات بما يلامس الاستخفاف (رغم انتماء الكتاب إلى النوع الخفيف البيست سيلير على طريقة جون غراي وسيكس اند ذي سيتي)، فهي تعمّم نماذج استهلاكية عن الفتاة اللبنانية الخارجة للتوّ من مسلسل أميركي، والتي لا تخرج من بيتها بلا تقليم الأظافر، ولا تتوجّه إلى عملها صباحاً قبل معالجة قضية الشعر الزائد ثم لا تكتمل الصورة في الصيف قبل تحوّل القوام إلى ممشوق والخصر إلى ميّاس.
الأسلوب الذي اعتمدته الكاتبة يُشعر القارئ بأنها تلجأ إلى التعميم، وهذا أيضاً ما سيجعل جزءاً من اللبنانيات يشعرن بالإهانة، وهنّ الأكثرية التي لا تمضي سهرات السبت في مونو أو الجمّيزة. فمعظمهنّ لا يجدّدن هاتفهن المحمول شهرياً بهدف «النكاية» ولا يتسوّقن من الماركات العالمية لمواكبة الموضة والأهمّ، لا يمضين الأيّام بين ليالي الأصدقاء الصّارخة والبحث عن النّصيب.
أمّا عن الرّسوم، فقد جاءت كاريكاتوريّتها مكمّلة للأجواء الخفيفة في الكتاب، وقد قدّم بينوا دبّانة عملاً محترفاً وجميلاً، لطيفاً وممتعاً في آن.
لا يجد قارئ الكتاب هنا صورة حقّة عن المرأة اللبنانية، بل نموذجاً مبتوراً لبعض صبايا المجتمع المخملي وهنّ أقليّة. وكان الأجدى هنا ألا يدّعي الكتاب مقاربة اللبنانيات (ولو كان خفيفاً نظيفاً)، أو على الأقلّ ألا تصرّ الكاتبة على معالجة موضوع شخصيّات اجتماعية بسطحيّة وتبسيط دون لفت النّظر إلى «الأخريات». حسناً فعلت الكاتبة بتسليط الضوء على التصرفات «الكاريكاتورية» لفئة من اللبنانيات، ولكن يجدر التأكيد للّبنانيات أبعاداً لم يتطرّق إليه الكتاب، رغم متعة تصفّحه أو تقديمه هديّة. إنّها الأبعاد التي لا تعالج بالبوتوكس وبشراء حقيبة من ماركة عالمية ووضعها في المقعد الجانبي في السيارة الجديدة.