ديما شريف«أنت الذي رميت العصا عليّ» يقول الضابط في قوى الأمن الداخلي للشاب بعدما تعرّف إلى أحد مشاغبي تظاهرة «عوكر - 1» التي نظّمها «لقاء الهيئات والمنظمات الشبابية اليسارية اللبنانية والفلسطينية» في الرابع من الشهر الجاري، احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية على غزة. تظهر ابتسامة «اعتراف» على وجه «المذنب»، الذي جاء ليعتصم أمام السفارة الكندية في جل الديب. يهرع باقي الشباب ويتحلّقون حول الضابط الذي وّجه إليهم عتاباً أبوياً ينم عن تعاطف، عن كيفية التصرف في الاعتصامات والتظاهرات «كي يحافظوا على أمنهم الشخصي»، مؤكداً لهم أنّ القوى الأمنية موجودة لحمايتهم. هذه «الأبوّة» حوّلت المعتصمين إلى ما يشبه «الأبناء»، وانخرطوا في سيل من الشكاوى من عنف القوى الأمنية يومها، مستطردين بمزاح من نوع رجاء الدفاع المدني أن يرشهم «بمياه ساخنة المرة المقبلة لو سمحتم». يضحك الضابط والشبان في نهاية «سعيدة» للاعتصام الذي دعا إليه «اللقاء» احتجاجاً على تصويت كندا ضد قرار إدانة إسرائيل الذي صدر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي يوصي بلجنة لتقصي الحقائق في غزة. وكان الناشطون قد اعتصموا أمس أمام السفارة الكندية في جل الديب رمزياً. فوقفوا على الطريق أمام مدخل السفارة فيما استمرت السيارات في المرور من جانبهم مطلقةً أبواقها احتجاجاً على ما تسبّبوا به من زحمة. حمل المعتصمون صوراً لأطفال غزة الشهداء والجرحى منهم وخطّوا تحتها عبارات مثل «ألا يحق لي أن أعيش؟»، «لأي سبب أنا أعاني؟ ما هي حقوقي الإنسانية؟»، «هل تعرفون حق الحصول على عائلة؟» و«يا كندا قتل الأطفال هو انتهاك لحقوق الإنسان». كما حمل الشباب والشابات لافتات كتبوها باللغة الإنكليزية تندّد بالموقف الكندي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة «كندا لا تزال تخاف من إغضاب المجرم الصهيوني»، «لدينا حق بالعيش في سلام لا أن نموت مقطّعين» و«عار عليك يا كندا». وصرخ المعتصمون الثلاثون عبارات الاستنكار باللغة العربية التي لم تُعفِ أحداً، وعدّلوا بعضها لتصبح موّجهة إلى الكنديين «شو مكتوب عصباطي / كل كندي ساكت واطي»، و«يا كندا وين الكرامة / طفل غزة عم يعاني». وحمل المعتصمون أعلام فلسطين وفنزويلا إلى جانب أعلام كلّ من الحزب الشيوعي اللبناني، اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
في هذا الوقت وقف أحد الضباط من قوى الأمن الداخلي التي فاق عديدها عدد المعتصمين بأشواط، أمام المعتصمين ناقلاً بالفصحى إلى من هم على الخط، تفاصيل الحدث كأنه مراسل صحافي.
ورغم الحشد الأمني وحضور الدفاع المدني، خشية على ما يبدو، من أن يلجأ المعتصمون إلى أعمال الشغب، سمحت القوى الأمنية للناشطين بأن يعتصموا على بعد أمتار من مدخل السفارة. وبعد انتهاء الاعتصام قطعت القوى الأمنية الطريق لتفتح المجال أمام المعتصمين ليسلكوه بشكل معاكس لعشرات الأمتار حتى يستطيعوا العودة سريعاً إلى اعتصامهم الدائم أمام مبنى الإسكوا.


نص المذكرة

سلّم عمر ديب، عضو المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني مذكرة إلى مسؤول الأمن لتسليمها إلى السفير. وجاء في المذكرة أنّ المنظمات الشبابية كانت تراهن على «موضوعية وعدالة الكثير من دول العالم لكشف الانتهاكات الإسرائيلية وإدانة الأعمال الإجرامية التي تخرق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، وأنّهم فوجئوا بـ«الانحياز الكندي لمصلحة الإجرام الإسرائيلي ضد الضحايا الأبرياء، والوقاحة في التعبير عن هذا الانحياز بعلانية ووضوح». وأكدّت المذكرة أنّ «ثمة في كندا الملايين من الأحرار الذين لا يوافقون على التضامن مع المجرم، وأنّه يوماً ما سيصحح الناس مسار الأمور في كندا وحول العالم».