أمّهات وأطفال في حضرة أطفال غزّة
محمد محسن
في كلّ مرة كان يذكر فيها اسم شهيد جديد من أطفال غزة، كانت الدموع تنهمر من عيون أمهات لبنانيات وفلسطينيات، تجمّعن مساء أمس، بمبادرة فردية عند شاطئ الرملة البيضاء في بيروت. جمعن ما توافر من أسماء الشهداء الأطفال في غزة، التي وردت على الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة، والتي بلغت 215 اسماً، وقد عُلّقت تلك الأسماء على سياج الكورنيش البحري، ودوّن تحت كل اسم معلّّق أمام البحر، رقم يشير إلى عمر الشهيد. لم يتجاوز عمر أكبرهم ستة عشر عاماً. تختلف طبيعة هذا النشاط التضامني مع غزة عن غيره من النشاطات، يظهر الشهداء هنا بأسمائهم وأعمارهم، هذا ما يحرص عليه المنظمون، إذ يقول لنا أحدهم إن هدف تسجيل الأعمار تأكيد أن من يموتون «ليسوا مجرد أرقام كما يصورهم الإعلام، بل أطفال فقدوا حياتهم ظلماً». التزمت الأمهات بلبس السواد، مواساةً لأجمل الأمهات في غزّة. حملت كلّ أمٍّ وردةً ربط على ساقها اسم طفل شهيد، عدّته أخاً لأبنائها. تقول إحدى المشاركات إن كلمة «كأنو ابننا ممنوعة، هم أولادنا ويا ريتنا معن بغزة». تسلسلت أسماء الشهداء، ومعها عائلاتهم المتشابهة، كآل ديب مثلاً. توالى ذكر أكثر من خمسة أسماء لأطفال من هذه العائلة، الأمر الذي دفع إحدى المشاركات إلى خرق الصمت الذي خيّم على المكان، والتساؤل «معقول كلّن من عيلة وحدة؟» ليأتي الجواب سريعاً «نعم، وبعض العائلات سقط لها أكثر من خمسة أطفال».اسم آخر تردد كثيراً، ليس بداعي التشابه، بل بسبب غياب البيانات الشخصية الكافية، إذ تردّدت كلمة «غير معروف» أكثر من خمس مرات أيضاً. ما كان معروفاً بالنسبة إلى الحضور، هو أن هذه العبارة ترمز إلى طفلٍ لم يبقَ منه شيء يعرّف عن هويته بعد القصف. رفع الحضور شموعهم التي أنارت الكورنيش بدل الكهرباء الغائبة، صلّوا للشهداء كل على طريقته، منهم من قرأ الفاتحة ومنهم من تلا «أبانا الذي في السماوات»، وتلا آخرون صلاة مختلفة، فهتفوا «فلتحيا الثورة». أما الأطفال، فقد شاركوا على طريقتهم. جلسوا حول شموعٍ لا تحتمل أياديهم حرارتها، وعبّروا من خلال الرسم عن مشاعرهم وفهمهم لما يجري في غزة. رسوم دلّت على أنهم متابعون جيدون للأخبار، فلم ينسوا الصواريخ الصغيرة ولا الأبنية المهدّمة، وطبعاً أعلام فلسطين. لم يخرق هدوءهم إلّا صوت البحر، الذي شاركهم رسم صورةٍ مضيئة، تشبه ليل غزة.

الضنيّة تتضامن مع غزّة: ما يجري جهاد مقدّس لردّ الأعداء

الضنية ــ عبد الكافي الصمد
كشف الحشد الكبير في المهرجان التضامني الواسع مع غزة الذي أُقيم أمس في بلدة بخعون ـ الضنية، بدعوة من النائب السابق جهاد الصمد، عن حقيقتين: أولاهما أنّ المنطقة ليست حصناً مغلقاً لتيّار المستقبل، والثانية أنّ المعارضة قادرة على تحريك قاعدتها الشعبيّة عند اللزوم. ففي مهرجان أمس، تظهّرت الصورة أكثر، وبانت المواقف المؤيدة والداعمة للمقاومة في غزة، والأخرى المنتقدة للأنظمة والحكام العرب. أمّا في ما يخصّ الكلمات، فقد كانت أولويّاتها حماية المقاومة ودعمها في غزّة والعالم. وفي هذا الإطار، أشار رئيس اتّحاد بلديات الضنية محمد سعدية إلى أنّ «أهل غزة يموتون عزة كل يوم، ونحن خرس لا نملك حتى الموت لنغدو شرفاء». أمّا خطيب مسجد بلدة السفيرة الشيخ محمود هرموش، فرأى أنّ «ما يجري في فلسطين جهاد دفع مقدّس لرد الأعداء»، منتقداً «الذين يسخرون من المجاهدين والصامدين في غزة»، وداعياً إيّاهم «ليتقدموا الصفوف لنصرة غزة بصواريخهم ومدافعهم وطائراتهم وجيوشهم التي أعدوها لحماية كراسيهم». بدوره، قال الأب جورج داوود «سننطلق يوماً إلى غزة الجريحة لنوقف القتل والدمع ونزيل الدماء، ولننادي هناك باسم العرب لا الأعراب». وتلاه رئيس بلدية بطرماز الشيخ مصطفى قرة، الذي أسف «لكون بعض العرب يرضون بجوار الثعالب في إسرائيل، ولا يقبلون جوار إخوانهم في غزة». أما النائب السابق الصمد، فأسف «للكلام المشبوه الذي يطعن في ظهر المقاومة الفلسطينية ويخدم العدوان، عن قصد أو عن غير قصد».