محمد محسن«هل استنفدت التحركات من أجل غزة جدواها؟». هذا هو السؤال الذي طرحته جمعيّة «نحو المواطنية» أول من أمس، في ندوةٍ حوارية أقيمت في مقهى «دينامو» في الحمرا. لكن النقاش الذي دار بعدها بين الحضور أخذ اتجاهاً آخر بعيداً عمّا يجري في غزة، وصوّب وجهة الحوار نحو تساؤل آخر عن جدوى التظاهر بالأصل، رغم ما مثّلته التظاهرات في العالم وكثافتها من دعم لغزة لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة. تقاطر المشاركون تباعاً إلى المقهى، لتبدأ الندوة بترحيب الجمعية بضيوفها: الناشطة في مجال حقوق الإنسان خيرات الزين، والصحافي حسين يعقوب، والمتخصصة في مجال التنمية وحقوق الإنسان تمام مروة. الوقت المتاح للمداخلة، وهو خمس دقائق، ربما كان خلف إيجاز المحاضرين لآرائهم. بدأت خيرات الزين مداخلتها فتحدّثت عن «حق التظاهر المكفول في الدستور اللبناني»، مشيرةً إلى توسع دائرة قمع حرية التعبير على المستوى الإعلامي، وهو ما يدفع الناس إلى التظاهر. أما تمام مروة فقد أشارت إلى أن بعض التظاهرات تهدف إلى شيءٍ أبعد من التضامن، وهو تكوين الرأي العام» كتظاهرة حزب الله التي سمحت للسيّد نصرالله بأن يكوّن رأياً عاماً ضد النظام المصري» كما قالت. لكنّها رأت أن التظاهر شكل من أشكال التعبير لا يكفي وحده. من جانبه، رأى الصحافي حسين يعقوب أن «التظاهر لا يؤدي إلى نتيجة في ظل هذه الأنظمة التي تحكم الدول العربية»، وشبّه التظاهر بالـ«ظاهرة الصوتية التي ليس لها تأثير فعلي على المعركة»، وتحدّث عن «غياب الإدراك» لدى المتظاهرين، ضارباً مثال نكسة عام 1967 «حين تظاهر الشعب مطالباً ببقاء عبد الناصر في الحكم حتى بعد الهزيمة»!!
جاء دور المشاركين، فقال سامر عبد الله إن التظاهر يصبح ذات معنى حين يُخَطَّط له ويوجَّه. أما سارة مراد فقد تحدّثت عن أشكالٍ جديدة من التظاهر، هي التظاهرات الافتراضيّة على شبكة الإنترنت، وخصوصاً على موقعي فايسبوك ويوتيوب، وبنظرها «يجب ألاّ نغض النظر عن هذه الأساليب الجديدة من تكوين الرأي العام». من جانبه أعاد أحد المشاركين توجيه بوصلة النقاش إلى غزة، رافضاً الفكرة التي تقول بعدم جدوى التظاهر. عرّف نفسه بأنه فلسطيني، قائلاً: «شعرت بالمعنويات العالية حين رأيت التظاهرات في العالم العربي، فكيف نقول إنه لا جدوى من التظاهر؟». كذلك فقد أعطى أحد المشاركين نكهةً استفزازية للنقاش حين تساءل إن كان يستطيع التظاهر ضد حركة «حماس»، من دون أن يُصَنَّف كعميلٍ أو خائن. استمر الحديث وراوح مكانه، وانتهى على أنغام «عصفور طل من الشباك».