صيدا ـ خالد الغربي«في إنفجار؟»، تسأل إحدى السيدات، وقد أثارت سيارات بعض المسؤولين الإداريين والقادة الأمنيين المتوقفة على جانب الطريق بزجاجها الداكن السواد، والمحاطة بعناصر قوى الجيش وقوى الأمن الداخلي، ارتيابها هي والكثيرين من العابرين بسياراتهم على جسر الأولي يوم أمس. إلا أن «اللّمة» كانت لمّة خير عند مدخل صيدا، حيث كان يُنَفَّذ قرار مجلس الأمن الفرعي بإزالة صور القادة والزعماء «الأحياء منهم والأموات».
فقد عجّت شوارع صيدا أمس بالمسؤولين الإداريين والقادة الأمنيين والحزبيين، وعلى رأسهم محافظ الجنوب مالك عبد الخالق، ورئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، من مدخل المدينة، وأمام مطعم مشهور بإعداده أطيب «أكلة كنافة» أمضى بعضهم الوقت بتناولها. وبعدما اطمأن القادة إلى سير العمل، أشاد المحافظ عبد الخالق بالخطوة التي «جاءت نتيجة تمنيات وتوافق القوى والمرجعيات في المدينة»، ليجيب بالتأكيد عن سؤال «الأخبار» عمّا إذا كانت الخطوة ستليها إزالة الصور المنتشرة في المدارس الرسمية، قائلاً: «بالطبع، ستزال بدورها».
وبينما اختتمت الوفود جولتها، كانت الورش الفنية التابعة لكل فريق سياسي لا تزال تعمل بنشاط على إزالة ما بقي من الصور، فضلاً عن فرق عمل التنظيم الشعبي الناصري التي كانت قد أزالت صورها خلال الليل.
عند الأولي، شرع عمال البلدية في استخدام قارورة الأوكسيجين لقصّ صورة عملاقة للشقيقين الشهيدين محمود ونضال المجذوب اللذين اغتالهما الموساد الإسرائيلي عبر تفجير سيارتهما في أيار من عام 2006، فيما بدت صورة الشهيدين عصية على الاقتلاع، ما دفع بأحد عمال البلدية إلى التعليق بقوله: «الله يرحمكن، ألا تكفي محاولات طمس التحقيقات ومحاولات الضغط لتبرئة محمود رافع (المتهم برئاسة الشبكة المتعاملة مع الموساد التي نفذت عملية الاغتيال)؟»
أما في ساحة الشهداء، فقد تطلّب أمر إزالة صورة الرئيس الراحل رفيق الحريري محاولات عديدة وجهوداً مضاعفة، إذ اكتشف العاملون، ما إن نزعوا الصورة الأولى، أن وراءها أربع صور قد أُلصقت كل واحدة منها فوق الأخرى. وفيما لم يلحظ وجود صور لقوى المعارضة في شوارع صيدا القديمة وفي مناطق القياعة وعبرا ومجدليون، التي تقع خارج الإطار الجغرافي لمدينة صيدا، كان النهار على وشك أن ينتهي ولا تزال صور قادة تيار المستقبل تعتلي الجدران في هذه الأماكن، ولا سيما في صيدا القديمة، فضلاً عن صور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقادة حركة حماس، بينما تردّد بين المواطنين أنه سيصار الى نزعها
لاحقاً.
«إن القرار جيد، لكن لا يمكن التنكّر لدور بعض القادة الصيداويين المناضلين (لم تشأ تسميتهم) التي كان لهم دور بارز في حياة المدينة» برأي الموظفة في إحدى المؤسسات التجارية، منى السيد. أما الصيداوي محمد السبع أعين، وهو عامل فني، فهو يرى «أن القرار لن يصمد وستحدث حتماً خروق من هذا الفريق السياسي أو ذاك، وخصوصاً أن الانتخابات على الأبواب».


ردود الفعل الرسمية

فيما رحّبت الوزيرة بهية الحريري بالخطوة التي ترجمت مقررات اللقاء التشاوري الصيداوي الذي ترأسه، أبدى النائب أسامة سعد استهجانه «استثناء لوحات الإعلان التجارية والمؤسسات العامة والمدارس والجامعات من هذا القرار»، شارحاً، أن «السماح باستغلال لوحات الإعلان التجارية لغايات سياسية وحزبية يؤدي إلى حصر الإفادة منها بمن يمتلك الموارد المالية».
من جهة أخرى، أصرّ ممثلو حزب الله على عدم نزع مجسم يجسد «الانتصار» قبالة الحسبة، وآلية نصف مجنزرة عند مستديرة السرايا غُنمت سابقاً من الاحتلال، «لأنهما لا يمثلان سوى شيء واحد هو هزيمة العدو والتشديد على خيار المقاومة والتحرير».