strong>تخلت كافيتيريات «اللبنانية» عن دورها في تحريك العمل الطلابي، فباتت مكاناً للاستراحة. وانعكس هذا الواقع على تلك الموجودة في المناطق لم تعد كافيتيريا كلية الآداب، كبرى كليات الجامعة اللبنانية في البقاع، كما عرفها الطلاب قبل 1990. فهي اليوم مكان للأكل والشرب بعدما اختفى الحراك السياسي. بات الطلاب يكتفون بتلقي ما تقرره القوى الحزبية، ولم يعودوا يقررون بأنفسهم نشاطاتهم، يقول الطالب السابق جاد. ولا تخلو الكافيتيريا من الطلاب رغم المنافسة التي تعانيها من كافيتيريات الخارج الأكثر اكتظاظاً بغير الملتزمين قضايا سياسية أو حزبية أو دينية. فالكافيتيريا الرسمية تحولت إلى ملتقى الملتزمين من مختلف الألوان والأطياف.
في المقابل، تشهد كافيتيريا كلية الحقوق تراجعاً بعد انتقال الكلية من مبنى إلى آخر. ويقول أحد الطلاب إنّ الكافيتيريا «صغيرة جداً، ولا تسمح للطلاب بفتح حوارات أو عقد لقاءات موسعة». ويضيف «ما يصنع من قرارات سياسية وطلابية في الآداب نتأثر به بالواسطة، فكافيتيريا الحقوق ليست سوى سندويش أو فنجان قهوة على الواقف، مثل كافيتيريا معهد العلوم الاجتماعية التي عليك أن تبحث عنها بين الغرف».
في طرابلس، تغيب الكافيتيريا «الرسمية» عن جميع كليات الجامعة اللبنانية، رغم توافر القاعات المخصصة لها حسب تخطيط المباني الجديدة. ويعود السبب وفق مدير كلية إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية الدكتور بلال شحيطة، إلى الرسم العالي الذي تحدده الإدارة المركزية لاستثمار الكافيتيريات استناداً إلى أسعار بيروت. فيضطر المستثمر لرفع أسعاره ويخرج بالتالي من المنافسة، وخصوصاً أنّ الأسعار في طرابلس تصل إلى نصف مثيلتها في بيروت. وكشف شحيطة أن لجنة فنية قامت بمسح منذ فترة لإعادة النظر برسم الاستثمار في الشمال، لكن نتائج الدراسة لم تصدر بعد. في هذا الوقت، تبقى كافيتيريا كلية إدارة الأعمال مقفلة، فيما يحاول مجلس الطلاب ملأها بمقاعد وألعاب رياضية. أما الكافيتيريا في كلية الآداب، الأكبر من حيث عدد الطلاب، فتحولت إلى قاعات للتدريس نظراً لضيق المبنى بطلابه. لكنّ الكافيتيريا الوحيدة التي جرت محاولات جدية لتشغيلها كانت تلك الموجودة في كلية العلوم، إذ عرضت مرتين للاستثمار. لكن لم يتقدم أي عرض في المزايدة الأولى بسبب ارتفاع رسم استثمارها (40 مليون ل.ل.). وبعد مفاوضات مع الإدارة المركزية خفض الرسم إلى 15 مليون ل.ل. لكن تقدم عرض وحيد فألغيت. وتُشير أمينة سر كلية العلوم نهلا صهيون إلى أن مبنى الكافيتيريا كان بحالة سيئة فرممته الإدارة على نفقتها، ويجري الإعداد حالياً لمزايدة ثالثة. كما من المنتظر تلزيم كافيتيريا كلية الهندسة.
في صيدا، يتزايد عدد الكافيتيريات خارج الكليات ما عدا معهد التكنولوجيا وكلية الصحة، نظراً لإقبال الطلاب عليها بعدما أقفلت الكافيتيريا داخل كلية الحقوق. وينقسم الطلاب بشأن ضرورة وجود الكافيتيريا داخل حرم الجامعة. فالطالبة في كلية الحقوق أماني حيدر تجد ضرورة لوجودها داخل الجامعة، لأنها بذلك «تضفي مناخاً حوارياً بين الطلاب في الإطار الأكاديمي»، وتشير إلى أن أجواء بعض الكافيتيريات غير منضبطة لما تبثه من موسيقى، فتصبح منفذاً من القيود الاجتماعية بالنسبة إلى بعض الطلاب «المكبوتين». أما الطالب في المعهد التكنولوجي محمد سرور فيأتي إلى كافيتيريا مقابل كلية الآداب لأنّ «الجو بيسلّي وفي أراكيل».
ورغم كثرة الكافيتيريات، يعاني طلاب كلية الحقوق والسياسة ومعهد العلوم الاجتماعية من بعد المباني عن الكافيتيريات، فيتكبدون عناء الذهاب إليها في الأحوال العاصفة شتاءً. وإذا كان مشهد «الكوبلات» والنراجيل التي لا تستثني طاولة في هذه الكافيتيريات قد أضحى طبيعياً، فإن إقامة أعياد ميلاد الطلاب أصبحت «موضة» أيضاً فيها، كما يشير بعضهم.
(شارك في التغطية عفيف دياب، يوسف سلامة وسوزان هاشم)