أمل عبد اللهيختلف البشر فيما بينهم بالنسبة إلى الروائح التي يفضّلونها. وعلى أساس هذا الاختلاف يظهر التباين في مدى انجذابهم ونفورهم من الأشياء من حولهم. وهذا ما نراه في ما خص الطعام والعلاقات الاجتماعية والحياة الجنسية. تعود هذه الاختلافات إلى تجارب الأفراد الشخصية وخلفياتهم الثقافية والحضارية، لذلك يُنظر مثلاً إلى بعض التوابل على أنها مطيّبات للطعام في بلد ما، وفي بلد آخر تُعدّ مسببة للغثيان. لكن بعيداً عن العوامل الثقافية والتجارب الذاتية، ما هو العامل المسؤول عن الانجذاب أو النفور الحاصل عند الأشخاص؟ هذا ما حاولت مجموعة الباحثين في «المركز الفرنسي للعلوم العصبية والحسية» معرفته عبر تجربة أجرتها على البشر والفئران.
جرى تعريض عدد من الأشخاص لمجموعة من الروائح، وطُلب منهم وضع تقويم لهذه الروائح على سلّم يراوح بين الدرجة الواحدة والتسع درجات. قِيس الزمن الذي استغرقه الأفراد في شم هذه الروائح واستُعمل مؤشّراً لمدى الانجذاب والنفور منها. بالنسبة إلى الفئران عُرفت الروائح المفضلة لديها عبر قياس الوقت الذي تمضيه في شم كل رائحة.
كان الاستنتاج الأول الذي خلص إليه أصحاب التجربة هو أن البشر والفئران يتشاركون الروائح التي يفضّلونها، وتلك التي ينفرون منها. أما الرائحة المفضلة، فكانت عطر زهور «جيرانيول» فيما استُعملت رائحة جواياكول ـــ التي تشبه رائحة الدخان أو الحريق ـــ كرائحة منفّرة.
دل هذا التجانس بين البشر والفئران على أن المُحدّد للانجذاب والنفور ليس الفصيلة أو النوع بقدر ما هو الطبيعة الكيميائية للمادة العطرية.
الاستنتاج الثاني يتعلق بالميكانيزم التي يقوم الدماغ من خلالها بتحليل المعلومات الخاصة بالراوئح التي يتلقّاها. وقد أشار إلى أن تحليل هذه المعطيات والحكم عليها يجيان في المراحل الأولى للعمليات الذهنية.