غادة دندشداء المفاصل أو الـ Arthrose هو تلف يصيب الغضروف المحيط بطرف العظم في مختلف المفاصل في الجسم أو في أحدها، وذلك دون حدوث أي التهاب أو عدوى. وقد بات من الممكن تحديد أسبابه بفضل جهد عدد من الجرّاحين، وعلى رأسهم الدكتور راينولد غانس جرّاح العظم السويسري الذي أدّت مراقبته الدقيقة ومتابعته المتواصلة لمختلف حالات التلف التي عالجها خلال سنوات عمله إلى إدراك الأسباب المختلفة لهذه الإصابات، ولا سيّما في الورك والركبة والكاحل.
يحتلّ هذا المرض المرتبة الأولى في العالم بين الأمراض التي تصيب المفاصل من حيث شيوعه. وتظهر عوارضه الأولى في سنّ الأربعين في معظم الأحيان، وتكون نتيجة لوصول التلف إلى درجات متقدّمة تستدعي علاجاً طويلاً وفي معظم الأحيان تدخّلاً جراحياً. في هذا المجال حققّ الطبّ تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ولا سيّما في جراحة الورك، وقد بات من الممكن معالجة بعض الحالات قبل تفاقمها وذلك عبر استئصال أحد مسبباتها بالمنظار وباتت هذه العملية تُجرى في لبنان.
الدكتور اسكندر نعمة، الاختصاصي في جراحة الورك والركبة في مستشفى القديس جاورجيوس في الأشرفية، أجرى هذه الجراحة في كانون الأول الماضي، وكان المريض رجلاً في العقد الخامس وهو رياضي، وذلك بعدما اكتُشف تشوّه تكويني على شاكلة عظمة صغيرة داخل مفصل الورك لدى المريض. كان من الممكن أن تؤدي هذه العظمة الزائدة، مع مرور الوقت، إلى تلف الغضروف المحيط بأطراف عظمة الورك وبالتالي إلى تآكل عظمة الورك في منطقة الاحتكاك، الأمر الذي تكون نتيجته الحتمية جراحة استبدال المفصل بمفصل اصطناعي، إذ يصبح إنقاذه مستحيلاً في هذه المرحلة. هذه الجراحة تسمح للطبيب باستئصال العظمة الزائدة بمساعدة المنظار ودون الحاجة إلى إحداث شقّ كبير في منطقة المفصل، وهي تُجرى بعد وضع المريض تحت تأثير البنج الكامل وفي حجرة العمليات وعلى طاولة خاصة لمثل هذه الجراحات.
خلال الجراحة يجري «شدّ» رجل المريض بطريقة تسمح بخلق مسافة بين رأس الورك والتجويف المحيط به كي يتمكّن الجرّاح من إدخال المنظار وأداة استئصال العظمة الصغيرة. ويقوم الطبيب بالتأكد من توافر المساحة المطلوبة عبر إجراء صورة شعاعية خلال الجراحة. في بعض الأحيان يحتاج الجرّاح إلى إزالة المنطقة المحيطة بالعظمة الزائدة بسبب التلف الذي يكون قد أصابها. لكن في بعض الحالات يكون الضرر محدوداً، فيكتفي الطبيب باستخدام القطب الداخلية من أجل ترميم المنطقة المتضرّرة. يخرج المريض من المستشفى بعد يومين من إجراء الجراحة بالمنظار، لكنه يلجأ إلى وقاية وعلاج ضرورين من أجل تفادي بعض التعقيدات، كتكوّن الجلطات وتكلّس العظم وذلك ما يمكن تفاديها بتناول مسيّلات الدم ومضادات الالتهاب لمدّة يحدّدها الطبيب. كذلك يجب أن يستعين المريض العصا عند المشي لفترة كافية، وذلك كي لا يضغط بكامل وزنه على المفصل المصاب قبل أن يُعيد العظم ترميم نفسه.
ويحتاج المريض إلى متابعة حثيثة من جانب المعالج الفيزيائي الذي يجب أن يتّخذ بعض الإجراءات التي تثبّت رجل المريض بواسطة جهاز محدّد، وذلك في وضعية تناسب حالته لفترات يحدّدها الطبيب المعالج.
نضيف إنه من الضروري أن يتابع المريض بعد مرور أسبوع على الجراحة عملية التنسيق مع المعالج الفيزيائي من أجل القيام بالتمارين الضرورية لتقوية عضلات الساقين، هكذا سيتمكّن من السير سيراً طبيعياً حين يسمح له الطبيب بذلك. إن إجراء هذا النوع من الجراحات يسمح بتفادي التعقيدات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تلف المفصل تلفاً كاملاً، واستبداله بمفصل اصطناعي وهي جراحة معقّدة ودقيقة لكن في الآونة الأخيرة سمحت التقنيات الحديثة بتطوّر ملحوظ فيها.