بيار الخوري ينبري بعض القادة اللبنانيين من الصفوف الأمامية، إلى الإعراب عن تضامنهم مع مأساة الفلسطينيين العزل الخارجين عن خنوع معظم الملوك والرؤساء العرب. ولكن هؤلاء المسؤولين، يحمّلون حركة المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن أحداث غزة. لقد نسي قادة «الحروب الوجودية» ومنهم من اليمين المثقل بالوراثة السياسية، صمودهم في معركة زحلة وتشجيعهم المقاتلين البقاء داخل المدينة ومجابهة القوات السورية ولو على حساب آخر قطعة جسد. لقد أهملت ذاكرتهم عمداً حركة ما كان يسمى «المقاومة المسيحية»، ومشروعها الملتبس بمضمونه وعناوينه في الدفاع عن وجود المسيحيين. لا يا قادة، لا يمكن أن تحمّلوا مسؤولية ما يجري في غزة لـ«حماس» وتنسوا الحصار والجوع والقهر الذي عاناه الفلسطينيون منذ قرابة ستة أشهر.
لا يمكن أن تقبلوا بسحق هذه الحركة بحجة أصوليتها وتماهيها مع المشروع الممانع، فما زالت صور القديسين ملتصقة على بنادق عناصركم، والصلبان محفورة على سواعد مناصريكم. الصمت الخانق والبعيد كل البعد عن التأمل في المأساة، ينجلي بصورة واضحة داخل دهاليز القصور العربية الفارغة من الروح التي لفظت آخر أنفاسها الإنسانية، حيث أصبحت قلوب حكامها ومشاعرهم قاحلة كصحرائها. فيا رجال الصمت، إنّ اليأس هو الصحة للخاسرين كما يقول المحرر سيمون بوليفار.