قرر المتعاقدون في التعليم الأساسي المضيّ في الاعتصام المفتوح ابتداءً من 15 الجاري، بعدما لم ينل «أنينهم» سوى زيادة 3 آلاف ل.ل على أجر الساعة ووعد بمتابعة لقرار التثبيت والتأمين الصحي
فاتن الحاج
تعلو مظاهر الخيبة وجوه المدرسين المتعاقدين في التعليم الأساسي حين تخرج لجنة متابعة قضيتهم بخفّي حنين من الاجتماع مع وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري. ينتفضون فور إبلاغهم بأنّه تقرر رفع أجر ساعة المتعاقد المجاز من 8 آلاف إلى 11 ألفاً والمتعاقد غير المجاز من 6 آلاف إلى 9 آلاف ليرة لبنانية منذ بداية العام الدراسي الحالي، فقط لأنّ زيادة 200 ألف ليرة ستنعكس عليهم. يصرخون بصوت واحد: «متى التنفيذ؟»، عندما يبلغهم رئيس اللجنة ركان فقيه، نقلاً عن الحريري، أنّ «قانون تثبيتهم في ملاك التعليم الأساسي انتهى من اللجان المشتركة وعلينا الذهاب إلى مجلس النواب للمطالبة بوضعه على جدول أعمال الهيئة العامة»، وأنّ الوزارة تتابع جدياً قضية الضمان الصحي.
فالمتعاقدون الذين ترقبوا ساعة كاملة خارج مبنى الوزارة، كانوا «يتحرّقون» لحل يُخرجهم من معاناة عمرها 15 عاماً. هم انتظروا بدلاً لساعة التعاقد لا يقل عن 23 ألفاً لحملة الإجازة الجامعية و18 ألف ليرة لغير المجازين. كما أنّهم باتوا لا يصدقون الوعود المتكررة لجهة إقرار القانون 442 القاضي بإجراء المباراة المحصورة لتثبيتهم في ملاك التعليم الأساسي، ومتابعة حصولهم على الضمانات الاجتماعية.
يقع خبر سعر الساعة الجديد وقوع الصاعقة على المعتصمين الذين قطعوا بعفوية الشارع المحاذي لتمثال حبيب أبو شهلا مقابل مبنى الوزارة. لا تتأخر عناصر مكافحة الشغب في تطويقهم، قبل أن تتقدم سيارة إطفاء تابعة للدفاع المدني وتتأهب للهجوم. لكن السيارة لا تلبث أن تتراجع، ما فسّره المعلمون بأن أفراد القوى الأمنية يتعاطفون مع قضيتهم «لأنهم مقهورون ووضعهم أتعس من وضعنا»، كما تقول إحدى المعتصمات من عكار، التي دعت زملاءها عبر مكبّر الصوت إلى فك الاعتصام. وعاهدت أن يكون هذا الاحتجاج الخطوة الأولى في سلسلة الخطوات التي قد تضطرنا إلى «النوم عراة من دون خيم».
وكان المتعاقدون قد حضروا قبل الموعد الرسمي للاعتصام وأطلقوا العنان لقصصهم أمام الكاميرات، فتحدثت إحداهن بحرقة كيف أنّ أولادها صاروا في الجامعات وهي لا تزال متعاقدة، وتساءلت: «هل يريدون أن ينتقموا منّا لأنّ الأوائل في الامتحانات الرسمية أوصلهم المتعاقدون؟». في مكان آخر، تصرخ إحدى المعلمات من مدرسة العمروسية «إذا ما سمعوا صوتنا مش حنصوّت لحدا، موافقين يا شباب؟». يعلو التصفيق قبل أن تؤكد على مسامعهم «أننا لبنانيون لا من 8 ولا 14ومش لاجئين سياسيين وضحايا كارثة طبيعية كي نشكو أمرنا إلى هيئة الأمم المتحدة». لكن كان يتوقع من المعلمين اللبنانيين أن لا يرفعوا لافتات «عنصرية» تسيئ إلى غير اللبنانيين، كأن يقال إنّ «السيرلنكية والأفريقية بتقبض كاش وتأخذ 100 دولار في الشهر، فيما ننتظر نحن حتى آخر السنة». كذلك لم يتوان أحدهم عن تقديم وصف كاريكاتوري للوضع «مزرعة شعر على لساننا ظهرت، حناجرنا تكاد تنفجر من الصراخ، جيوبنا عشش فيها الطفر، معدتنا تقرقر من الجوع والنار تتلظى في أحشائنا...».