أعلن الاتحاد الأوروبي خطة عمل خمسية لمحاربة جرائم الإنترنت المتعددة، وستشمل الخطة تفتيش أجهزة الكمبيوتر عن بعد وممارسات أخرى. فمن المتوقع أن يتحوّل 22 في المئة من سكان العالم عام 2011 إلى مستخدمين للإنترنت، والتطور السريع للشبكة يفتح المجال واسعاً أمام تزايد حضور الجريمة
باريس ـــ خضر سلامة
تنشغل المؤسسات الأمنية في الدول المتقدمة، بمتابعة الإنترنت، ملاحقةً جرائم تخرق القوانين، مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركية خصص أحد فروعه للتحقيق في جرائم الإنترنت وتلقي الشكاوى من المستخدمين للشبكة العالمية، ويشير إلى ارتفاع سنوي في الخسائر الاقتصادية التي تسببها عمليات القرصنة والنصب، وإلى ارتفاع في أعداد المطلوبين قضائياً بسبب خروقات للقوانين، وتتراوح تصنيفات «جريمة الإنترنت» بين خانات عدة تختلف عقوبتها، كاستغلال الأطفال، وقرصنة المواقع والبرامج والبيانات الشخصية، وقرصنة الأجهزة الخاصة، والبريد غير المرغوب به (spam)، والفيروسات، وعمليات الاحتيال المالي.
في ما يخص الاحتيال المالي، تعطي صحيفة «تايمز» نموذجاً عن بيع بطاقات الاعتماد الوهمية على الشبكة، التي يتكاثر سوقها في أوروبا الشرقية، ويمكن للمتصفح ابتياع بطاقة وهمية تُستعمل للتسوق على الإنترنت، والأسعار؟ يورو واحد للرقم المتسلسل، 5 يورو للكود الضروري للشراء على الإنترنت، ومئة يورو للحصول على رقم سري تمثّل وحدها 4.8 في المئة من شكاوى الإنترنت حسب FBI، وتسبب خسائر تفوق 200 مليون دولار في الولايات المتحدة وحدها على مستوى مواقع المبيعات الإلكترونية.
الأسماء الوهمية على مواقع المزايدات من أنواع الاحتيال الإلكتروني، يعمد من خلالها البعض إلى عرض سلع للمزايدة، تنتهي بحصوله على تحويلات مالية دون مقابل، صناعة النصب هذه تتركز في هونغ كونغ بمعظمها، حيث تغيب الرقابة الجدية أو الملاحقات القانونية، وفي البلاد النامية حيث يتعذر تتبع الفرد بسبب تشابك أرقام الـIP.
الجرائم ضد الأطفال، هي الجرائم الأكثر خطراً، حيث يهتم الأمنيون بملاحقة مسوقي الأفلام الإباحية التي تستغل الأطفال، والتي تتستر غالباً بمواقع معقدة الخوادم، وببيانات مزورة لممثلين في الأفلام تدعي تجاوزهم عتبة الـ18 عاماً، تستفيد أيضاً من زحمة المهووسين جنسياً الذين يصعب ملاحقتهم عددياً، كما تستفيد من كون معظم الزائرين الذين يكتشفون وجودها، غير مستعدين للتبليغ عنها لاستفادتهم منها.




هناك أيضاً التحرش الجنسي بالأطفال عبر مواقع التعارف، واستغلالهم، حيث يعلن مثلاً البوليس الكندي أن من أصل 24 ألف حالة استغلال أطفال على الشبكة، لم يستطع البوليس التعرف إلا إلى ثلاثين متعدياً فقط، وذلك بسبب التعقيدات التكنولوجية، وغياب رقابة الأهل، فالعقوبات القاسية التي تقرها قوانين البلدان المتقدمة ضد مستغلّي الأطفال الإلكتروني، لا تجدي أمام تطور الوسائل التقنية المستخدمة. أما عن القرصنة، فتتخذ أشكالاً عدة، ويعرّفها موقع الأمن البريطاني بأنها جريمة الدخول غير المشروع إلى عناوين أو مواقع أو بيانات غير مسموحة للفرد، وتتنوع من قرصنة المواقع التي غالباً ما يقوم بها صغار في العمر مهووسون بالعالم الإلكتروني، يفسرها عالم الاجتماع إيان وايمز بأنها محاولة لإثبات الذات وخرق كل ما هو محظور، ونوع من رد فعل غير واعٍ على الحدود الموضوعة لتقنية «غير محدودة المعالم» كالإنترنت، كما أن قرصنة المواقع سلاح مهم في التنافس السياسي والفكري بين مجموعات كثيرة، حسب مركز الأبحاث الوطني الفرنسي، الذي يلفت إلى ضخامة القرصنة المتبادلة بين الأفراد العرب والإسرائليين، أو الحرب الجورجية ـــ الروسية كمثال، حيث قرصن مستخدمون روس في اليوم الأول للنزاع المواقع الرسمية الجورجية، ومن أنواع القرصنة، قرصنة البرامج، التي تشهد سوقاً واسع الانتشار في الهند والصين وروسيا، أو تُسوّق أيضاً في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، حيث تباع في الأسواق بأقل من دولار، هذه الظاهرة سببها غلاء النسخ الأصلية في بلدان المنشأ واحتكارها من شركات كبيرة. الفيروسات الإلكترونية هي أيضاً جريمة مصنفة، حيث يضخ خبراء برامج تسبب خسائر مليونية للشركات وللأفراد، وذلك في تحد لتقنيات الحماية المستحدثة، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن 200 فيروس جديد يوضع كل يوم في الشبكة، ويتخطى عدد الآفات الإلكترونية المبرمج لمواجهتها بعض برامج الحماية حاجز المليون والستمئة ألف، وتشكو هذه الظاهرة من أن الملاحقة لا تتحرك غالباً إلا في حالة الخسائر الكبيرة، لا سيما عندما تتأثر شركات كبيرة من فيروس ما، تتدخل عندها المراكز الأمنية لتعقب مطلقه.
الإنترنت مسرح مهم للجريمة العالمية، يضاف إلى كل ما ذكرناه، دخول المافيات العالمية أيضاً إليه، ليكون سوقاً مهماً لإتمام صفقات السلاح أو المخدرات والرهانات غير المشروعة عبر البريد أو المواقع المزيفة.
في بعض البدان النامية تضاف إلى لائحة الجرائم «بدعة» ملاحقة المدونين لجرائم سياسية كمصر والصين وإيران، التي تتصدر اللوائح بأرقام اعتقالات المدونين الذين يلاحقون ويعتقلون بتهم معارضة النظام وتسويق الآراء المحرضة على الإنترنت عبر المدونات التي تكون شيئاً فشيئاً لوبي ضاغطاً شبابياً وواسع النطاق إعلامياً وشعبياً، بلغ عدد المدونين المعتقلين حول العالم عام 2007 حوالى 35 مدوناً.