خالد صاغيةثمّة وقت ضائع في لبنان بانتظار الانتخابات النيابيّة. يعرف الجميع أنّه ليس باستطاعتهم القيام بخطوة كبيرة قبل الاستفتاء الشعبي، العام المقبل. وثمّة وقت ضائع في لبنان بانتظار الإدارة الأميركية الجديدة. يعرف الجميع أنّه ليس باستطاعتهم القيام بخطوة كبيرة قبل تسلّم الرئيس باراك أوباما زمام الأمور، وقبل تحديد الوجهة التي ستتعاطى بها الإدارة مع عملية السلام في الشرق الأوسط، ومع الملف النووي الإيراني، ومع الانفتاح على سوريا. لكن، رغم هذا الوقت الضائع، يقوم فريق المعارضة ـــ سابقاً بمبادرات كثيرة. يستغلّ هذا الوقت الضائع لتحسين مواقعه وقضم مراكز قوى جديدة وتحسين صورته أمام جمهوره، سواء كانت حساباته خاطئة أو لا. يدفع حزب اللّه مثلاً إلى مزيد من المصالحات والتهدئة بعد تحرّك السابع من أيّار. يحاول وزراء التيار الوطني الحر ونوّابه اتّخاذ خطوات لافتة في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء، لتعزيز فكرة الإصلاح والتغيير. يقوم العماد ميشال عون بزيارة دمشق بعد طهران، موسِّعاً دائرة الأرضية المشتركة بين المعارضة اللبنانية ـــ سابقاً وإيران وسوريا، ومظهراً نفسه أمام جمهوره كزعيم قويّ تتّجه إليه الأنظار أينما حلّ، ويُستقبل بحفاوة بالغة في دول فاعلة في المنطقة، وسط زوال القطيعة التي كانت مفروضة عليه من الدول الأخرى.
في المقابل، يبدو فريق 14 آذار فاقداً للمبادرة، وكأنّه مسلّم بهزيمة مقبلة، أو باستحالة فعل أي شيء. جلّ ما يتمخّض عنه هذا الفريق هو التأكيد اليومي، الذي بات يشبه النفي، بأنّ 14 آذار ستخوض الانتخابات موحّدة على لوائح واحدة. لا خطاب جديداً. لا أداء مميّزاً. تفكّك حتّى على مستوى النقاشات في مجلس الوزراء والمجلس النيابي. حتّى مقابلة النائب وليد جنبلاط، أوّل من أمس، التي أريد لها أن تنافس زيارة عون إلى دمشق، جاءت من دون أي جديد. كان يمكنها أن تُبَثّ قبل شهرين مثلاً.
قد يكون ذلك نتيجة الإحساس بأنّنا في الوقت الضائع. لكن من المفيد التذكير بأنّ هذا الوقت الضائع ستطول مدّته، وخصوصاً أنّ الانتخابات قد لا تجري تحوّلات كبرى، وأنّ الإدارة الأميركية قد تتأخّر كثيراً قبل الالتفات مجدّداً إلينا. إنّ ترك الساحة لفريق واحد، على هذا النحو المفضوح، لا يفيد أحداً.