البقاع الغربي ـ فيصل طعمةبعد ظاهرة الكلاب المسعورة و«الشيبة» التي أقلقت مضاجع البقاعيين، وخاصة في بلدات الفضل، المرج، والجراحية، حيث سجّل عدد من الإصابات، تهافت أهالي المنطقة على شنّ حملات إبادة للكلاب، تعهّد تنفيذها الشبان أكثر من غيرهم.
فقد حملوا أسلحتهم ليلاً لتعقّب الكلاب الشريدة وقتلها عشوائياً، لدرجة أنهم حوّلوا هذا النشاط إلى تسلية وإلى حفلات تدريب على الرماية استهدفت الكلاب، دونما تمييز بين المسعور منها وغير المسعور، وكأن قتل الكلاب أصبح بمثابة هواية أو نشاط ترفيهي شأنه شأن صيد الطيور، الذي يفتقر أيضا إلى معايير بيئية وشروط تحمي بعض أنواعها من الإبادة.
سلوك لم يرضَ عنه طلاب ثانويتي بر الياس وقب الياس، الذين كوّنوا هيئة لمتابعة قضية الكلاب ومخاطر الإبادة التي تتعرض لها، بالاشتراك مع البلديات والجمعيات الأهلية، وخاصة أن هناك تقارير تحدثت عن قتل ما لا يقل عن 40 كلباً في فترة زمنية لم تتخطَّ الشهر الواحد.
وقد رأت هذه الهيئة أنّ من غير المقبول قتل الكلاب بالطريقة التي تجري بها، دون تنظيم وتوعية، «وكأننا نحل مشكلة لنقع في مشكلة أكبر».
في هذا الإطار، قامت الهيئة بزيارة رئيس بلدية بر الياس مواس عراجي، للتداول بشأن قضية الكلاب ومسؤولية البلديات في معالجة هذه القضية، بشيء من الوعي والتنظيم لما قد يستتبع ذلك من مخاطر إذا بقيت المعالجة تجري بالطريقة التي تجري بها. خلال اللقاء، تقدمت الهيئة باقتراحات عملية لمعالجة الأمر بعيداً عن الإبادة، كرصد تحركات الكلاب والإمساك بها عن طريق الفخاخ أو تخديرها، ليصار إلى معالجتها وتلقيحها بمساعدة الجهات المختصة، وخاصة مع وزارة الصحة.
تحرّك كان لا بد للطلاب أن يقوموا به، وخصوصاً مع وعيهم لأهمية دورة الطبيعة التي ألقيت على مسامعهم مراراً خلال صفوف مادة الأحياء. فلكل كائن دور يؤدّيه في السلسلة البيولوجية المتماسكة، قد يختل توازن الطبيعة برمتّها لو اختفى.
دور الكلب الحيوي، ليس فقط في هذه السلسلة البيولوجية، بل في حياة البشر أيضاً، كان محور حديث الطالبة ريتا مصلح التي رأت: «أنّ من غير المقبول معالجة قضية الكلاب المسعورة بقتلها عشوائياً، فعدا عن كونها روحاً، يُعرف الكلب بوفائه للإنسان ويستفاد منه في الحراسة ومطاردة المجرمين والحيوانات الخطيرة وخدمات أخرى يؤديها للبشر، فهل يكافأ بقتله؟ كما أنه يمكن أن يجري قتل جميع الكلاب إلّا الكلاب المسعورة، فكيف لنا أن نتأكد من ذلك، والحملات التي تدّعي حماية المواطنين هي أصلاً غير منظمة وغير مدربة أو مؤهلة لمعالجة القضية؟».
أما الطالبة زينب بسج، فقد تناولت القضية من باب الرفق بالحيوان، عارضة رسماً كاريكاتوراً للرسام الكاريكاتوري اللبناني «ستافرو» في جريدة البلد 2006 عن نقل 150 كلباً و145 هراً على متن طائرة أميركية إلى الولايات المتحدة، متسائلة: «هل لم يعد هناك مكان في لبنان للكلاب والقطاط؟ وهل الأميركيون بحاجة إليها أكثر منا؟ أم أنهم نقلوها لتجنيبها حملات الإبادة؟».
من جهته، استقبل رئيس بلدية بر الياس مواس عراجي الهيئة في دار البلدية، وناقش معهم قضيتهم المطلبية، مؤكداً أحقيتها، ومبرّراً تغاضي البلدية عن سلوك الأهالي بظروف موضوعية شرحها قائلاً: «نحن فعلاً لدينا تعميم من وزارة الداخلية بملاحقة الكلاب الشريدة وقتلها، وقد عرضنا استقدام متخصصين بقتل الكلاب حتى لو بأجر، لكن لا أحد لبّى الأمر، عندها، تصرّفنا وحاولنا احتواء المشكلة عبر وضع السّم على لحوم فاسدة، ما سبّب قتل كلاب كثيرة، منها ما كان للحراسة».


وللأشجار والمياه حصتها...

لم تقتصر الحملة على قضية قتل الكلاب، بل تعرّضت لقضايا أخرى بيئية، كقضية الرائحة المنبعثة من نهر الليطاني، التي تسبب أمراضاً سرطانية خطيرة، وقضية قطع الأشجار للتدفئة.
في ما يتعلق بمياه الليطاني، أجاب عراجي الطلاب قائلاً: «عرضنا الأمر على بلدية زحلة والفرزل لضخ مياه من الآبار الاروتوازية المحيطة بمجرى النهر على حسابنا الشخصي ريثما يجري الانتهاء من محطة التكرير التي لا ندري متى ينتهي العمل بها، لكن الرد جاء أنهم لا يستطيعون إلزام أحد بالأمر».
أما في ما يتعلق بقطع الأشجار، فأجاب: «البلدية لا تعطي أي إذن بقطع شجرة، فهي من تقوم بتقليم الأشجار أو قطعها إذا كان ذلك ضرورياً»، عارضاً التعاون مع الهيئة الطلابية مادياً ولوجستياً لدعم جهودها التنموية والإرشادية.