رفض المسؤولون عن «مهرجان حقوق الإنسان» الذي نظمته الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، أخيراً، قبول عرض فيلم للطالبة سالي بسمة والذي يتناول «حقوق الأجنة»، إذ رأت إدارة المهرجان أنّ موضوع الفيلم لا يدخل ضمن العنوان العريض للمهرجان
محمد محسن
فوجئت الطالبة في الإخراج في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST)، سالي بسمة، برفض إدارة مهرجان حقوق الإنسان الذي نظّمته الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) عرض فيلمها « Life Inside Womb» (حياة في رحم). وكانت سالي قد قررت تناول حقوق الأجنّة موضوعاً لفيلمها انطلاقاً من اقتناعها بأنّها تدخل ضمن حقوق الإنسان، رغم الجدل المحيط بالقضية. أما الإدارة، فعلّلت رفضها بالقول إنّ الفيلم لا يتناسب مع المهرجان، وأبلغتها ذلك في بريد إلكتروني. وفي هذا الإطار، يوضح مدير المهرجان، موريس معلوف، أنّ «الفيلم لا يندرج ضمن العناوين الأربعة التي حددناها، وهي: كيف يمكن أن تؤدي انتهاكات الحقوق إلى نزاع عنفي، دور الشباب في الرد على انتهاكات حقوق الإنسان، حقوق الطفل، وحقوق المرأة». ويؤكد أنّ الرفض لم يكن للفكرة «لأنني شخصياً من المؤيدين لحقوق الجنين الذي يصبح إنساناً فور تكوينه».
لم تقتنع سالي بالسبب، فما ورد في الفيلم يؤكد إنسانية الجنين، كما تقول. وتشير إلى أنّ الفترة التي كانت تستعد فيها لإنجاز الفيلم، أي شهري حزيران وتموز الماضيين، شهدت جدالاً في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بشأن حقوق الجنين. وحينها دعم مؤيّدو الإجهاض فكرة عدم تمتّع الجنين بأي حقوق. في المقابل أكدّ معارضو الإجهاض أحقيّة الجنين بالتمتع بحقوقه الإنسانية وأولها حمايته من القتل المتعمّد.
لم يكن هذا الجدال السبب الوحيد الذي دفع سالي لإعداد الوثائقي وإنتاجه، بل لمعت الفكرة في رأسها حين رصدت إهمالاً لها من المتخصصين هنا في لبنان، وانطلاقاً من اقتناعها بأنّ «حقوق الإنسان تبدأ حين يكون هذا الأخير جنيناً، لا حين يسجّل على قيود الأحوال الشخصية»، كما تكرر.
تتوضّح عند مشاهدة الفيلم، الفكرة التي تتبناها سالي، إذ تكفي الدقائق الـ12 للمس إنسانية الجنين. فهو يعرض لنموذجين من نساءٍ حوامل: يتناول النموذج الأول النساء اللواتي لا يستطعن الإقلاع عن بعض العادات السيئة المؤثرة مباشرةً على صحة الجنين كالتدخين وشرب الكحول، فيما يتطرق النموذج الثاني إلى نسوةٍ أقلعن عن هذه العادات حفاظاً على صحّة أجنتهنّ.
وبدا أنّ سالي لم تشأ «أن تغالي في فلسفة» الموضوع أو التمادي في الكلام النظري حوله. فإلى جانب النماذج الحيّة، استعانت سالي باختصاصيّةٍ في علم الأجنّة إليز أبو ملهم، التي تحدثت كيف أنّ «الجنين يشعر بالطمأنينة حين يكون في رحم أمّه، وأنّه يحتاج إلى الأجواء ذاتها بعد فترةٍ من ولادته». لم تكتف سالي بما ورد في فيلمها، بل عززته بمجموعة وثائق تؤكد «عدالة» قضية الأجنّة. كما استعانت بوثائق ومواد صادرة عن منظمة «اليونيسف»، وكذلك بقوانين تناولت موضوع الأجنّة مثل «قانون حقوق الإنسان الأوروبي» الذي تكفل المادة الثانية منه حق الحياة، وتكفل الحماية للجنين. ولا يقتصر الأمر على هذا الحد، إذ إنّ الجنين يملك حق الحياة وفقاً لما تنص عليه «الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان». يبدو هنا ردّ سالي انفعالياً وساخراً «للجنين الحق في الحياة، ولكنّه ليس إنساناً» تنهي تعليقها وتسأل «من الذي سيحيا إذاً؟».
ينتهي فيلم سالي بسمة بعرض صور لأطفالٍِ يمارسون حياتهم الطبيعية والسعيدة. وقصدت سالي من ذلك أن تبرهن أنّ هذه الحياة السعيدة التي يعيشها هؤلاء الأطفال هي نتيجة حتمية لاهتمام أهاليهم بتأمين حقوقهم «حين كانوا أجنّةً أحياء».


تمويل ذاتي ومشاريع مستقبلية

اعتمدت سالي بسمة على نفسها لتمويل إنتاج فيلمها «حياة في رحم»، فقد توزّعت التكاليف على ثمن استئجار الكاميرا وتوابعها من لوازم الإضاءة والصوتيات، إلى جانب كلفة المواصلات والاتصالات الخارجية مع الطبيبة الفرنسية.
وسعت سالي عبر الفيلم إلى البحث عن موضوعات جديدة غير مستهلكة، لكون معظم موضوعات حقوق الإنسان جرى تناولها كثيراً في السابق. وتعدّ سالي لوثائقي قصير يتناول أموراً لافتة، لا تريد الإفصاح عنها حالياً، كما تقول.
وقد ضحكت حين تحدّثت عن مشاريعها المستقبلية في صناعة الأفلام، وتؤكد أنّه «مع أنهم رفضوا الفيلم، ما رح إترك مهرجان مختص بالسينما يعتب عليّ». يذكر أنّ سالي أعدت فيلماً بمناسبة عيد الاستقلال بعنوان «آخ يا لبنان».