خضر سلامةتضمحل الرهانات على احتلال العالم الافتراضي مكانة العالم الواقعي في المستقبل القريب، هذا ما أعلنه أخيراً الباحث الألماني المتخصص في الدراسات المستقبلية ماتياس هوركس. وقد عبّر عن استنتاجاته المتراكمة من دراسته للواقع الآن ولتجارب بعض مستخدمي الإنترنت، قائلاً إن هذه الشبكة فشلت في فرض نفسها كمرشح للتحكم بيوميات البشر. «مجموعة صغيرة، ولكن متصاعدة عددياً، من مستخدمي الإنترنت الذين كانوا يعدّون من المدمنين عليه، ينسحبون شيئاً فشيئاً الآن»، أكد هوركس متحدثاً عن 2,6 مليون شخص أصبحوا يعرِّفون أنفسهم كـ«مستخدمين سابقين» لبرامج المحادثة، وأنهم فضّلوا التركيز على تدعيم علاقاتهم الاجتماعية المباشرة والتقليدية.
من خلال متابعته لصفحات التعارف كـ«فايس بوك»، وجد هوركس أن الأصدقاء الافتراضيين لا يتمتعون بالقدرة على بناء علاقات وثيقة في ما بينهم، ما يجعل الصداقات التي يقدمها الإنترنت غير قادرة على التعويض عن غياب العلاقات الواقعية أو نقصها، وقال إن معظم المنتديات الإلكترونية تشهد نقاشات حول نقاط تدور في فلك «الخدعة الافتراضية» التي اكتشفها البعض بأشكال كثيرة، في خدمات الإنترنت الاجتماعية.
تطرق هوركس إلى فكرة منع المراسلات الإلكترونية التي طبقتها شركات أوروبية «لأن استعمال البريد الشخصي في العمل يضيع وقت الإنتاج ويعيق الروتين الوظيفي المطلوب»، فتم إصدار القوانين التي تحظر استعمال البريد الشخصي أثناء الدوام، أو تفحص الرسائل البريدية في أيام معينة من الأسبوع، هوركس تحدث أيضاً عن دور الانتشار المتنامي لأعداد المقاهي والمطاعم ووسائل الترفيه الجماعية، التي خففت من حدّة سيطرة سوق الخلوي والكمبيوترات على العقل الترفيهي الفردي الذي حكم الإنسان في العقد الماضي. ما يجعل هوركس «متفائلاً» بانحدار نسبة تعلق الإنترنت بالحياة الفردية وتحكّمه بالعلاقات الاجتماعية.