ميرا صيداويرفضت العجوز الفلسطينية السكن في المخيّم حين بدأ النزوح إلى لبنان. وقرّرت العيش وحدها في الجبل بين الأشجار بعدما بنت بيتها البسيط بيديها، خشبة وراء خشبة. كانت تقول: «لا أخفي عليك يا أستاذة لقد خفت من الضباع في الغابة، لكن اخترت ضباع الغابة عن ضباع أخرى قد تنبتها ساحة الفقر والعوز في المخيّم».
بعد فترة توقفت صالحة عن الكلام مع الجارات، ظلت تجلس على عتبة بابها محدّقة بالسماء ووجوه النسوة حولها. أدركت صالحة أنّ بيتها الصغير في الجبل سيُهدم قريباً ليحل مكانه مصنع شوكولا.
وضّبت صناديق الرحلة متأملة البيت بين الحين والآخر. ابتلعت حكاياتها لتحمل جسدها الثقيل ببطء شديد وتمشي. حمل الجميع أغراض صالحة إلى بيت آخر، وحينما عادوا وجدوا العجوز ميتة. ماتت العجوز وحيدة بعدما رأت الجرافة تلتهم كل ما بقي من تاريخها، لتمسي صالحة الحكواتية حكاية لن تحكيها.