strong>هاني نعيمعام 1964، كان الطيّار جورج توريس يبحث عن مكان ليجتمع ويسهر فيه مع أصدقائه الطيّارين. عندها وقع الخيار على غرفة صغيرة في آخر الحمرا على مقربة من شارع السادات. مع الوقت زاد زوّار الغرفة. وهكذا، أخذت الغرفة بالتوسّع لتأخذ شكلها الحالي. فكانت حانة الـCaptain’s Cabin أو «مقصورة القبطان».طيلة الحرب، لم تغلق الحانة أبوابها يوماً. تحوّلت إلى مطعم وحانة، وكان فريق العمل يتألف من 16 شخصاً تقريباً. ولكن «الشغل كان zero»، كما يقول أندريه جورج توريس، الابن المؤتمن على الحانة والعامل الوحيد فيها.
كلّ شيء في «المقصورة» كلاسيكي وقديم. من المدخل، يبدأ الخشب بالارتسام كأيقونة قررت أن تأخذ شكل السفينة.
الخشب يطغى على المشهد: الطاولات من خشب، والبار الطويل بكراسيه، والبنادق المعلّقة على الجدران. ومن علامات المكان اللوحات الفنيّة لعازفي الجاز وقبعة الكابتن فوق زجاجات الكحول في واجهة البار، إضافة إلى علم اسكتلندي وآخر إيرلندي. الحديقة الخلفيّة للحانة وتفاصيل، تشي برغبة «القبطان» أندريه في ترك المكان على ما هو.
الموسيقى تبدو كأنها امتداد للديكور. تتنوع بين الـsoft rock، الجاز، الـblues، وموسيقى اللاتينية لا بدّ منها، وهذا ما يجذب الشباب الذين يكرهون الأغاني التجاريّة. تتنوّع اهتمامات رواد الحانة، لكنها تحوّلت إلى حاضنة للأنكلوسكسون القاطنين في رأس بيروت. وشكّل هؤلاء هويّة المكان الأنكلوسكسونية بهدوئهم وبرودتهم، إضافةً إلى تحوّل الحانة إلى مكان يقصده كل باحث عن هدوء أثناء تسكّعه. «مقصورة القبطان» جزءٌ من حياة رواد الليل. أحدهم، قد لا يجد، أحياناً، من يشاركه السهر، فيأتي وحيداً. يحتسي الكحول ويتحادث مع «القبطان» القليل الكلام.
الصلة بين الماضي واليوم مستمرة. أحد الشباب يرتاد المكان منذ سنة تقريباً. والدته أتت به إلى هنا. فهي كانت تلتقي والده في سبعينيّات القرن الماضي في هذا المكان. «سهرة الجمعة» يطغى عليها الجو الإيرلندي. عند الحادية والنصف تمتلئ الطاولات، والكثيرون يبقون واقفين. وآخرون يلعبون البلياردو وdarts. يتحادثون، يغنّون ويشربون. عند الثانية فجراً، تبدأ الحركة بالركود.