تعاني بلدة الدلهمية البقاعية غياب المدارس الرسمية والخاصة على السواء. ما يضطر الأهالي إلى إرسال أولادهم إلى القرى المجاورة
البقاع ـ نقولا أبو رجيلي
«ما عندنا أم تبكي علينا»، يردد أهالي بلدة الدلهمية البقاعية هذه العبارة دائماً. فالبلدة تعاني مثلها مثل القرى اللبنانية نقص الخدمات الإنمائية وغيابها، التي تكاد تكون معدومة من جميع النواحي. لكن أكثر ما يتوق إليه أهالي الدلهمية، هو مدرسة رسمية، افتقدوها زمناً يعود إلى ما قبل الاستقلال.
«حالتنا مأساوية وتدعو إلى الهزء والسخرية»، يقول أحد أبناء البلدة، الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور عز الدين سعد. يوضح سعد أنّ عدم وجود مدرسة رسمية في قريته، أدى إلى تهرّب بعض الأهالي من إرسال أولادهم إلى المدارس التي تقع خارج بلدتهم بسبب أوضاعهم المعيشية والاقتصادية الصعبة. إذ لا يستطيع بعض السكان تحمّل مصاريف الانتقال إلى القرى المجاورة طلباً للعلم، ما يضطرهم إلى توجيه أبنائهم نحو المهن الصناعية والأعمال الزراعية، الأمر الذي يؤثر سلباً في مستقبلهم العلمي. ويؤكد سعد أنّ هذا الواقع أدى إلى تقلّص عدد المتعلمين في البلدة، التي أنتجت جيلاً من المثقفين، بنسبة تفوق70 %، من أطباء ومحامين ومهندسين وأساتذة مدارس وجامعات وضباط، وآخرين شغلوا وظائف عدة في الدوائر الرسمية. جميع هؤلاء تلقوا تعليمهم المدرسي خارج البلدة، في السنوات السابقة التي ساعدت فيها الظروف الاقتصادية على متابعة هؤلاء لتحصيلهم العلمي. وكشف سعد عن جهود يبذلها هو شخصياً حالياً مع بعض أبناء البلدة، لبناء مدرسة رسمية، بالتعاون مع تيار المستقبل الذي وعد بإعداد الدراسات اللازمة من أجل الوصول إلى الغاية المنشودة.
من جهته، يشكو مختار البلدة دهام المعدراني كيف «دخلنا القرن الواحد والعشرين، والعالم المتقدم يسعى للسكن في المريخ، ولم تتكرّم علينا الدولة بمدرسة رسمية بعد، كأننا لسنا على خريطة لبنان». ويوضح المعدراني أنّ أكثر من 300 طالب من أبناء البلدة ، يتوجهون يومياً إلى المدارس الرسمية والخاصة، في مدينة زحلة والقرى المجاورة، بعدما أقفلت مدرسة المقاصد الخيرية منذ ما يقارب عشرين عاماً، لأسباب يرفض المعدراني الدخول في تفاصيلها. ويشير المختار إلى أنّ «عدد السكان المقيمين في البلدة يقارب 1300 نسمة. يتحملون أعباء مصاريف انتقال أولادهم مسافات طويلة، فضلاً عما يتخلل ذلك من أخطار وقوع حوادث سير تزداد يوماً بعد يوم». ويلفت المختار إلى أنّ المحاولة الوحيدة في هذا الشأن، كانت قبل أربع سنوات، إلّا أنّ الجهود باءت بالفشل. ويعزو المعدراني أسباب ذلك إلى عدم جدّية المعنيين بتنفيذ الوعود، مع ما قابل ذلك من عدم اكتراث الأهالي الذين فقدوا الثقة بحكومات متعاقبة كانت قد أطلقت وعوداً وشعارات رنانة بشأن اتباع سياسة الإنماء المتوازن بين المناطق اللبنانية لتبقى جميعها حبراً على ورق. ويؤكد المختار أنّ الناس فقدوا ثقتهم بالسياسيين أيضاً لأنّ همهم الوحيد تأمين مصالحهم الشخصية. وطالب المعدراني الدولة بالإسراع في بناء مدرسة رسمية مبدياً استعداده والأهالي لتسهيل الأمر باتجاه تخصيص قطعة أرض بالتعاون مع محافظة البقاع.