إيلي شلهوبأقفلت مراكز الاقتراع الأميركية أبوابها، مسدلة الستار على حملة انتخابية كانت، بإجماع المحللين، الأمتع منذ عقود والأكثر كلفة في التاريخ. صحيح أن احتفالات النصر التي يقيمها أنصار الرئيس العتيد ستحجب كل ما سبقها. لكن الاختراقات التي حققها المجتمع الأميركي خلال الأشهر الماضية تبقى تستحق وقفة تأمل. منافسة هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديموقراطي وتسمية سارة بالين كمرشحة لنيابة الرئيس تُعدان من أبرز إنجازات هذه الحملة. ولا يقلل من شأن هذا الاختراق واقعة أن الأولى تعدّ من أكثر النساء ليبيرالية وتتمتع بجميع مواصفات رجل الدولة، فيما الثانية تبدو أكثر ذكورية من الرجال أنفسهم (وإن بدت حسناء للبعض) وتحمل على أكتافها جمجمة بلا عقل.
كذلك الأمر بالنسبة إلى بلوغ أسود البشرة عتبة البيت الأبيض. خطوة كسرت حرمة عمرها مئات السنين، وسيتّضح مداها خلال الأسابيع المقبلة، مع ظهور الدراسات التي تحلل نتائج التصويت. بل أكثر من ذلك، إذ صدف أن هذا المرشح اسمه باراك حسين أوباما، مع ما يثيره هذا الاسم من حساسية في ظل ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تجتاح الشارع الأميركي منذ هجمات 11 أيلول 2001.
أما الظاهرة الأخرى اللافتة، فتتعلق بجورج بوش. هذا الرئيس الأقل شعبية في تاريخ أميركا، الذي جلس طوال الأشهر الماضية متفرجاً، لا يجرؤ، كما درجت عليه العادة، على المشاركة في السباق دعماً لمرشح حزبه خشية مسّه بلوثة.
يضاف إلى ذلك كثرة التطورات الدراماتيكية التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، في مقدمتها تزايد حدة الاستقطاب العالمي مع حرب القوقاز الأخيرة، وما رافقها من استعادة لأجواء الحرب الباردة، وذلك خلال حملة أدت ملفات السياسة الخارجية دوراً محورياً فيها، قبل أن يهيمن الاقتصاد على مجرياتها بعد الانهيار المالي الذي أصاب أميركا، وانتقلت عدواه إلى جميع أصقاع الأرض.
اليوم خمر، وغداً نقاش بشأن الإدارة المقبلة وتعاطيها مع الأزمات العالمية. أما بعد غد، فلناظره قريب.