ربى أبو عموموسيقى وسكون. غناء أندلسي. نَفَسُ الغرفة معجون بنفس الرصيف المتسلل من نافذتها. زجاجة نبيذ فارغة على طاولة. لوحة لامرأة عارية أهداها إياها حبيبها قبل سنوات. هي لا تحب النبيذ. طعمه مرّ. لكن دفء لونه يعدل مزاجها. تحمل زجاجة النبيذ في يدها وتتراقص، كأنها تؤدي دور عاشقة لرجل من فراغ، هو الذي تعيش معه دون أن يدري، ودون أن يكون موجوداً. تشرب جرعة مترسبة في قعر الزجاجة، وترميها. تنفض شعرها أمام المرآة، كمن يخلق أنثى جديدة. امرأة بآلاف الملامح، تَعُدُّ أنفاسها فتختنق، تقع على سريرها باكية فتعود إلى وحدتها.
تفيق من غفوتها. تحدق باللوحة. المرأة في الصورة مكوَّرة كجلد مطاطي بيضاوي، يخجل من تلذذ الأنثى بنفسها. هرعت إلى مخيلتها، تحاول لملمة بقايا اللذة من ذاكرتها، علها تساعدها في تقمص لحظة مختلفة بعيدة عن حزنها.
تختفي الصور، جميعها تظهر في رأسها بلا ملامح. لونها داكن كنسيان الجمال. وها هي تتكور كالمرأة في الصورة، وتنتظر لحظة تتكرر فيها اللذة.