تثير مقالات الدكتور أسعد أبو خليل في «الأخبار» سجالات حادّة وسلسلة من التعليقات على شبكة الإنترنت. وهي تخرق بحسب بعض القرّاء المحرّمات وتفتح كوّة في الجدار الإعلاميّ الجامد، لكنّ قرّاءً آخرين لا يرون فيها إلا استفزازاً مجانياً. وكان أبو خليل قد تناول في عدد من مقالاته الكاتب والصحافي في جريدة «الحياة» حازم صاغيّة. هنا ردّ من صاغيّة على أبو خليل
حازم صاغيّة *
منذ أشهر دأب أسعد أبو خليل على توجيه شتيمة سبتيّة لي، منسوجة من كذب ومن خداع. وما كان المذكور ليحملني على الردّ لولا أنّ كثيرين يصدّقون في أيّامنا هذه ما لا يُصدّق. فالذين ابتلعوا نهر «الانتصار الإلهيّ» و«المشاعر الأخويّة» لن يغصّوا بساقية أبو خليل. والحال أن المدعوّ أسعد لا يكفّ عن إسباغ العمادة عليّ. فأنا عميد الوهّابيّين الجدد والليبراليّين الجدد واليساريّين القدامى أو السابقين. وهو ما يجعل لي باعاً في القدامة وباعين في الحداثة. فإذا انقضّ عليّ، بعد ذاك، يكون قد انقضّ على طريدة بالغ في تسمينها وفي إخافة الطرائد التي يظنّها منتوفة الريش.
وهذا، معطوفاً على الأسماء الكثيرة التي ينسج مقالاته من شتمها، يحيل إلى مراهق يقول لمن ربّوه وشهدوا عليه طفلاً إنه قد بلغ، كما يُشهر عليهم علامات بلوغه. أمّا دليله القاطع فإنه يحاول أن «يستفزّ» يمنة ويسرة، ويسبّ عدداً من الناس لا يسبّها غيره، فيما يحظى بعض مشتوميه بتكرار مضجر. هكذا يُعاد، مثلاً، خمس مرّات في خمسة مقالات ذكرُ صولانج الجميّل التي طبخت لأرييل شارون، أو وسام سعادة وقد ناشد هاني حمّود. ومَن غير «الرجال الرجال» ـــ كما قد يداعب المراهق نفسَه ـــ يشتمون هذا العدد العديد؟
وذلك مما يتعدّى كسر مزراب العين إلى فعلها في الصالون. فلندعْ، إذاً، «الرجولة» المنشودة جانباً ولنسأل المربّية، إن وجدت، عن السرّ. فلئن لم يتوافر، حتّى الآن، علاج يشفي من البذاءات السوقيّة، التي يسمّيها البعض شجاعة، فالمؤكّد أن في وسع أيّة عيادة مجاورة أن تزوّدنا تفسيراً مقنعاً. وفي الولايات المتّحدة، حيث يقيم أبو خليل، تكثر العيادات.
لكنّ البرهان الآخر الذي يراد تقديمه على بلوغ صاحبنا أنه «عربيّ غاضب»، كما يسمّي نفسه وموقعه الممهور بصورة جذّابة. هنا ينتقل التركيز من محن العرب الكثيرة، وبينها محنتهم به، إلى أن أسعد نفسه... «غاضب». والغاضب قد يصرخ في أيّة لحظة، إذ الصراخ أداة الغضب المفضّلة، على ما يعلّمنا الأطفال.
على أنّنا إذا غضضنا النظر عن الشتم، والغضب والاستفزاز، وهي معانٍ شعوريّة وعصبيّة، فََجَعَنا فقر المساجلات التي يديرها الشتّام. فما من فكرة واحدة حملتها عشرات المقالات التي خطّها يراعه. هل يتذكّر قارئ، أيّ قارئ، فكرة ما؟ أغلب الظنّ أنْ لا. ما يرسخ «تقنيّة» في «الكتابة» تستعيد الأمّهات والخالات وصديقاتهنّ في «الصبحيّات» وجلسات «تركيب المقلة»، وشيء من الفضول التلصّصيّ والبورنوغرافيّ يستحوذ على مخيّلة الوصّاف.
صحيح أن النزعة السجاليّة تستخرج من ممارسيها بعض أسوأ ما فيهم، هابطةً بهم أحياناً إلى قاع غريزيّ. بيد أنّها قد تُنتج فكرة يتوسّل كاتبُها خصماً ينقضّ عليه، واجداً فيه ذريعة عابرة، لا مقتولة تكراراً، للإفصاح عن تلك الفكرة. وهذا ما نرى نقيضه في أبو خليل الذي لا يقيم إلاّ السبّ وراء سبّه، ومن ثمّ تكرار السبّ كلثوميّاً بما يفقر المعنى الفقير أصلاً. ولا يُفهَم، بالمناسبة، ألاّ يتصدّى اليساريّون الذين يحترمون يسارهم لحسبة أبو خليل عليهم، هم الآتون من تقاليد سجاليّة كانت، ذات مرّة، غنيّة بالدلالات والمعاني. وهي شهادة أخرى على انحطاط اليسار واستئنافه في أبو خليل.
على أن شتائم المذكور لا تأتي بريئة من الأفكار فحسب، بل تجيء أيضاً مفكّكة الترابط حتّى لتغدو العبارة جمعاً لأسماء المشتومين، فيما يمسي وصل الجملة بأختها مجرّد جسر، أو عبّارة، بين مشتوم ومشتوم. وهو ما دفع أحد الساخرين إلى اقتراح ظريف كأنْ يوضع دليل سلبيّ، أبجديّ الترتيب، للحياة الإعلاميّة والثقافيّة في لبنان انطلاقاً من أهاجي أبو خليل الأسبوعيّة في
«الأخبار».
يقال هذا لأن مخاطبات المذكور لا تتكشّف عن وظيفة أبعد أو أهمّ. فهو، مثلاً، كان يمكن اعتباره «مفكّراً»، على جاري العادة العربيّة، لو أنه يفكّر، وهذا، بشهادة مقالاته، ليس من شيمه. أو كان يمكن اعتباره أداةً، ومن ثمّ إعمال التحليل التآمريّ فيه. لكنّ الأدوات تخدم أغراضاً وهو لا يسعه أن يخدم شيئاً أو أحداً. ثم إنّه، كأستاذ في جامعة ثانويّة بالولايات المتّحدة، يُتوقّع منه انكباب على البحث قد يقود خطاه إلى جامعة أفضل، وهذا طموح الأساتذة المشروع. إلاّ أن المقالات السبتيّة لا تنبئ بذلك. ذاك أن متابعته للبرامج السياسيّة على التلفزيونات العربيّة، وقراءته الصحف اللبنانيّة وتعليقاتها، وهي «مراجع» مقالاته، لا تتركان أيّ حيّز لهمٍّ آخرإن أسعد غاضب من دون انقطاع. ويُخشى، والحال هذه، أن يكون هذيان الشتم الذي يطاول كلّ هؤلاء الناس، مرّة بعد مرّة، علامة على نزوع لديه إلى التطهّر الذاتيّ: أنا لست مثل «كلّ» هؤلاء. لكنّ تطهّراً كهذا قد يصل ببعض المتطهّرين إلى أن يقولوا، في تداعٍ يسيطر عليهم ولا يسيطرون عليه، «أنا لست مثل نفسي». فإذا ما انتهى المطاف بالحُطيئة، شاعر الجاهليّة، إلى هجاء ذاته، فقد ينتهي بأسعد إلى انشقاقه أسعدين أو أسعدات ثلاثة يستأصل واحدها الآخر في عمليّة من التآكل ذات أفق انتحاريّ. انتبهوا عليه!
غير أن الأطفال إذا تجاوزوا الحدّ وغدا إقلاقهم الراحةَ أو احتمال إيذائهم أنفسَهم أمراً غير محمول، بات من الضروريّ ردعهم.
فاسمع يا أسعد على نحو ما طولب رضا بأن يسمع. ذاك أن الإثارة والفضائحيّة هاتين من علامات زمننا، حيث يتداخل الجهاد وتهريب المخدّرات، وإذا ما توهّمنا السير موحّدين على طريق تحرير فلسطينانتهينا، المرّة بعد الأخرى، متطاحنين في شوارع بيروت. وللأسف، تُكمل «فيلكا إسرائيل» ما تبدأه أنت، أو العكس، ونقرأ، في جوار مقالاتك، من يعبث بمرض الروائيّ حسن داوود ثمّ يعيّر الشاعر محمود درويش بـ«العجز»، فيما درويش تحت مبضع الجرّاح، قبل أيّام على رحيله. وهناك من يشمت علناً برفيق الحريري وبنازير بوتو اللذين لا يستحقّان إلاّ الميتة التي ماتاها. وثمّة من تقلّصت موهبته لتنحصر في إعادة توزيع ألحان أمّه وأبيه، لكنّه، مع هذا، ولهذا، «يتّهم» موسيقيّاً كبيراً بـ«اليهوديّة»(!) وآخر بـ«التصهين». وفي محاذاة طليعيّة الدفاع عن المثليّين والهامشيين والمهمّشين «ضدّ الرقيب»، تنشأ عن هذه الطليعيّة ذاتها رقابة على الحياة الثقافيّة ليس «النظام» من يمارسها هذه المرّة، عنوانها: «أوعا المقاومة». وباسم قضايا سبق لمثلها أن جعلت هتلر رسّاماً، وماو تسي تونغ شاعراً، تُفرض معايير بالغة التسييس على الحريّة وعلى الإبداع يُدان من لا يلتزمها. هكذا يهبّ التشهير قريباً من حيث يهبّ الرصاص، وتلوح بدايات نظام مرصوص يسحل بالكلمة في انتظار أن يسحل بالحبل.
ثم إن الطموحات الكبرى يمكن، هي الأخرى، أن تنحلّ عفَناً محضاً. ولا بأس بالقول إن الطموح إلى «لوموند ديبلوماتيك» عربيّة يقترن اليوم بطموح ملازم إلى تعميم «فيلكا». وفي أزمنة كهذه يغدو المهرّجون والمعتوهون زعماء ومفكّرين، على ما رأينا في أسماء تدرّجت من أكبرها في ألمانيا وصولاً إلى آخر زوايا الأرض وبقاعها. وكانت الجمهوريّة الثالثة في فرنسا، حيث انفجرت مسألة دريفوس، قد عرفت ظاهرة «كتّاب المناشير» pamphleteers الذين لم يناقشوا سياسات خصومهم بل شوّهوا أشخاصهم. وهؤلاء جميعاً «صفعوا الواقع بالفضيحة» وبالشتم والغضب، كما وجدوا من يطري شجاعتهم قبل أن ينقلوهم إلى المستشفى أو يزوروهم في السجن. فالقيم التافهة والرديئة التي تزخر بها حياتنا، من تقديس وتدليس وتواطؤ ومديح و«مكرمات» و«تمسيح جوخ»، لا يقاومها الغضب والفضح والشتيمة مما يتساوى فيه الفاشيّ والفوضويّ والعدميّ والرثّ والشعبويّ على أنواعه، بل يقاومها تطوير أفكار وقيم نبيلة ليس لأسعد، ولا لكثير مما يُنشَر في «الأخبار»، ناقة فيها أو جمل.
ومن هذا القبيل أن أبو خليل، في ضعف علاقته بالقيم، مُزوّر.
فأنا، عنده، دعوت العراقيّين، في محاضرة بمعهد في واشنطن، إلى اعتناق «ديموقراطيّة جورج بوش». وما أعرفه وأذكره وأستشهد عليه بالأرشيف أنني كتبت عشرات التعليقات ضدّ بوش وضدّ حربه في العراق. وكنت، بُعيد وصوله إلى البيت الأبيض، نشرت، في «الحياة»، سلسلة مقالات بالغة النقديّة حياله. كما شاركت الصديقين صالح بشير وحسن منيمنة نصّاً طويلاً يساجل ضدّ نظريّة «الحرب العادلة» وتطبيقها على العراق. وكنت، قبل ثلاثة أعوام، من صاغ بياناً في الاتّجاه ذاته حمل عنوان «ضدّ التبسيط»، وقّعه 65 مثقّفاً وكاتباً وصحافيّاً عربيّاً، يميّز بين الليبراليّة، بالمعنى الأميركيّ للكلمة، وبين النيو ليبراليّة المرفوضة من موقّعي البيان، مع التشديد على عدم إغفال المسألة الاجتماعيّة.
وهذا ليس للقول إنني ضدّ استيراد العراق «ديموقراطيّة بوش» أو «ديموقراطيّة بلير» أو أيّ ديموقراطيّة مما يتلذّذ الصِّبية باختصاره في كلمتين ترميزيّتين ساخرتين، هم الذين غنّوا طويلاً «الدكتريوف بيخلّي الدمّ شلّال». فكلّ ما قد يستورده العراق أفضل مما ينتجه بذاته، على ما تدلّ التجارب. وربّما كان أحد أسوأ مظاهر البوشيّة افتراضها أن بلاد الرافدين كما هي راهناً قابلة للديموقراطيّة، أيّة ديموقراطيّة، ومحاولة إحراق التاريخ وتعجيله ثوريّاً، على ما بشّر المحافظون الجدد.
ولا أعرف ما الذي أورده المعهد الأميركيّ من كلمتي، إلاّ أنها دارت حول نقد السياسة الأميركيّة ونُشر نصّها كاملاً في «الحياة». لكن نقدي لبوش والبوشيّة ينطلق، إذا ما جاز الإيجاز، من خفّتهما في نقل الديموقراطيّة إلى أراض لا يزال أسعد أبو خليل يُعدّ فيها مفكّراً!
أما أن أكون وهّابيّاً فهذه فرية أخرى. ولا أعلم أين الوهابيّة في الكلام عن أولويّة الدولة الوطنيّة على الدين والقبيلة والعشيرة، أو المساواة المطلقة بين الجنسين، أو رفض عقوبة الإعدام.
مع هذا، لا بأس باستعادة ما يصعب على أبو خليل استيعابه فيما هو يختصر العالم إلى «أنظمة» و«جماهير». ذاك أن اليوم الذي سقط فيه شاه إيران، السيّئ والمتخلّف والمستبدّ، كان يوماً أسود يعلّم الكثير في ما خصّ إسقاط الأنظمة من دون الانتباه إلى المجتمعات وثقافاتها. والآن يحكم إيران أحمدي نجاد الذي لا يفوق أبو خليل رجاحة ولا يفضله في شيء.
فأغلب الظنّ أن الحفاظ على وحدة البلدان القائمة والرهان على الإصلاحات التدرّجيّة فيها خير من استراتيجيّات التفجير على أساس «اليوم خمر وغداً أمر». ذاك أن البلدان متى انهارت، من غير أن تملك المجتمعات بدائل تفوق أنظمتها حداثةً واستنارة، تركتنا أمام احتمالات أسوأ من كلّ سوء نعرفه فيها.
أمّا الإعلام والنفط، ومقالات أبو خليل توحي كأنّي أخبّئ برميلاً منه في بيتي، فمسألة معقّدة أخرى لا تحلّها الشتائم. ذاك أن النفط من خلال التصدير، كما من خلال العمالة المهاجرة والاستثمارات والمعونات، بما فيها المال الإعلاميّ والسياسيّ، غدا عصب الاقتصادات العربيّة جميعها، النفطيّ منها وغير النفطيّ. وهي حقيقة محزنة يُسأل عنها، أوّلاً، تردّي اقتصادات البلدان التي كانت أبكر من بلدان الخليج في التعرّض للحداثة، إلاّ أنها كانت أبكر أيضاً في التعرّض للانقلابات العسكريّة والديكتاتوريّات العقائديّة والحروب الأهليّة. فكيف حين نضيف المسألة الثقافيّة التي تتّصل بتركيبة البورجوازيّات العربيّة العازفة عن هموم التغيير والعازفة، تالياً، عن الاستثمار في العقول والقلوب.
لكنْ كائناً ما كان الأمر، فالنفط ليس أقرب إليّ مما هو إلى أبو خليل، أو إلى الثورة الفلسطينيّة قبله. وما من شيء يتحرّك اليوم، بين المحيط والخليج، مؤيّداً لأميركا أو مناهضاً لها، مستسلماً أو ممانعاً، إلاّ وزيتُه نفط ما، قد يكون سعوديّاً أو قطريّاً أو إيرانيّاً، وذات مرّة كان عراقيّاً وليبيّاً وجزائريّاً أيضاً.
وثمّة نقطة أخرى يبلغ الافتئات فيها الأوج والذروة، هي عملي في ما يسمّيه «جريدة خالد بن سلطان». فأيّ سوء نيّة يفسّر إخضاع عملي هناك لما لا يخضع له آخرون في «جريدة خالد بن سلطان»؟ لماذا لا تُطبّق القاعدة نفسها على الصديق بيار أبي صعب الذي تولّى لسنوات مسؤوليّة القسم الثقافيّ في مجلّة «الوسط»، الشقيقة الصغرى لـ«الحياة»؟ لماذا لا يُلام الصديق بلال الحسن على عمله في «الشرق الأوسط» ومن بعدها «الحياة» قبل الرجوع إلى «الشرق الأوسط»؟ لماذا لا يُنتقد الراحل الحبيب جوزف سماحة على بقائه بضع سنوات في «الحياة» تولّى خلالها رئاسة مكتبها في بيروت؟ لماذا لا يُشار إلى كتّاب أصدقاء ومحترمين كتبوا ويكتبون في «الحياة»، كنهلة الشهّال وحسن شامي وجميل مطر ورغيد الصلح وسواهم؟ لماذا لم يُنبّه عزمي بشارة، وقبله الراحل إدوارد سعيد، يوم كانا يكتبان في «الحياة»، إلى مجافاتهما تعاليم أبو خليل وبروتوكوله؟
فإمّا أن يكون هؤلاء جيّدين في نظر أسعد، وعند ذاك تستحقّ «جريدة خالد بن سلطان» بعض عدالته ورحمته، وإما أن يكونوا، في نظره، سيّئين مثلي، فيقتصر عليه وحده حمل راية الممانعة! وظنّي أنّهم ما أخطأوا حين عملوا في «الحياة» أو كتبوا، ليس فقط لإدراكهم أن العامل لا يختار ربّ عمله، بل أيضاً لأن الفسحة التي توفّرها «الحياة»، قياساً بالسائد العربيّ البالغ النسبيّة، توصل الكثير مما يريدون له أن يصل.
بقي شيء يتعلّق بأسعد أبو خليل بوصفه حالة عياديّة: ذاك أن الميل إلى الشتم والتشهير ربّما كان أحد مصادره شعوراً بالذنب يراد التخلّص من عبئه بتحميله إلى آخرين. وإذا صحّ احتمال كهذا، غدا طول قائمة المشتومين دليلاً على حدّة ذاك الشعور وكثافته. فما الذي فعله أبو خليل يا ترى؟ هل كتب، ذات مرّة، لجريدة سعوديّة؟ هل اختار يوماً صافياً من أيّام الاجتياح الإسرائيليّ في 1982 وفرّ إلى مدينة ساحليّة آمنة احتلّها «الجيش الصهيونيّ» وأنهى العمليّات العسكريّة فيها؟! يحقّ لأبو خليل إذا ما فعل شيئاً كهذا أن يشتم مشتوميه. ذاك أن كثيرين يكونون قد صدّقوا دعواته إلى التصدّي للعدوّ وماتوا، فيما هو يسبح في بحر تلك المدينة الساحرة!
فلو طبخ لشارون، بدل ذلك، لكان ضرره على شعبه أقلّ، ولعجّل إدخال الضابط الإسرائيليّ الغيبوبة.
* كاتب وصحافي لبناني