جانا رحالكيف خُلق الكون، كيف خُلق الإنسان والحيوانات والنباتات... أو لنقل قضية الخلق بذاتها لماذا لا تكون جزءاً من المواد العلمية التي تُدرس في المدارس؟ تشغل هذه القضية تربويين من دول مختلفة، فبعض الدول ترى أن هذه القضية يجب أن تُدرس في إطار مواد العلوم الدينية، في بريطانيا يعتقد 29% من المعلمين بحسب استطلاع رأي نشرته صحيفة «غارديان» أن مسألة الخلق يجب أن تناقش وتُعلم للتلاميذ في مادة العلوم. ورأى 50% من المستطلعين أن استبعاد النظرية البديلة (أي غير الدينية) عن أصل الحياة وتطوّر الكون أمر سيئ، ستكون له تأثيرات سلبية قد تؤدي إلى نفور التلامذة من العلوم عامةً.
نُفذ الاستطلاع تأييداً لآراء مدير التعليم في Royal Society البروفيسور مايكل ريس الذي دعا في شهر أيلول الماضي إلى مناقشة مسألة الخلق عملياً في صفوف العلوم في المدارس. ويعلق ريس أنه يشعر أن قضية الخلق يناقشها أساتذة العلوم جيداً. وهاجم الأساتذة الذين يطردون التلامذة الذين يريدون مناقشة مسألة الخلق من خلال دراستهم في المنهج العلمي.
ويبيّن الاستطلاع أن 590 من المشاركين فيه وافقوا ريس على ضرورة إشراك التلامذة في مسألة مناقشة الخلق. رغم أن ريس لا يطالب بإدراج هذه المسألة لتتخذ الحيز الذي يُخصص مثلاً لعلم تطور الكون الذي هو الأساس العلميّ لنشأة الكون. ويقول الرئيس التنفيذي لـ«Teacher TV» اندرو بيثيل إن الاستطلاع يؤكد أن مناقش إمكان تعليم مسألة الخلق في الدروس العلمية ما زالت تلقى معارضة عنيفة من بعض المدرّسين والباحثين.
ومن خلال خبرته في تعليم علم الأحياء، يقول ريس إن التلامذة يعتنقون عادة قناعات آبائهم الدينية، لذلك لا يمكن مواجهتهم إذا كانوا مخطئين، لأن هذه المواجهة ستجعلهم ينفرون من دراسة الكون والعلم عامةً. من جهة ثانية، استفزت تعليقات ريس وآراؤه غضب العديد من الباحثين المهتمين بشؤون البيئة والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية، وعلّق عالم الأحياء في جامعة لندن البروفيسور لويس ولبرت أن قضية الخلق مبنية على الإيمان وليس لها علاقة بالعلم، لذا مسألة الخلق يجب أن تُدرّس في إطار الدروس الدينية فقط. أما الفيزيائي في جامعة ليفربول الدكتور جون فري فقال إن دروس العلوم ليست المكان المناسب لمناقشة مسألة الخلق. وشدد على أن تحدي تطور الكون كان مناسباً في المدارس لكن مسألة الخلق ليست تحدياً للعلم بل إنكار له.
يوافق ريس أن مسألة الخلق ليست نظرية علمية، لكن ذلك لا يجعلها بعيدة عن الدروس العلمية، ودعا إلى احترام خيارات التلامذة الذين لا يكتفون بالاطلاع على نظرية التطور.


قضية داروين

قبل سنوات قليلة أُثيرت في الولايات المتحدة مسألة حساسة، إذ دعا سياسيون ورجال دين إلى شطب نظرية داروين أي «النشوء والارتقاء» من المناهج المدرسية، وكان حكام بعض الولايات قد أعلنوا موافقتهم على هذا التوجه


وماذا عن لبنان؟

ماذا لو قُدم اقتراح البريطاني ريس لأصحاب الحل والربط في لبنان؟ لماذا لا تُناقش المسائل التي يجدر تدريسها في إطار المواد العلمية؟ هل تذكرون كيف قامت الدنيا عندما اقتُرح تدريس التربية الجنسية في المدارس؟