غادة نجارفي كتابه «لماذا تنطّ الطابة؟ ومئة مسألة علمية أخرى»، يقدّم الكاتب آدم هارت دايفيس عرضاً بالصورة والكلمة لمجموعة من الإجابات عن أسئلة من المفترض أنها خطرت في بال الكثيرين في مرحلة ما من حياتنا. إنه كتاب علمي بأسلوب ترفيهي، استطاع من خلاله الكاتب أن ينقل إلينا بسلاسة بالغة مجموعة من الإجابات العلمية الدقيقة، وأن يفسّر الكثير من الظواهر التي نواجهها يومياً. وقُدّم الكتاب في نسخة عربية ترجمها الزميلان أحمد مغرب وراغدة طرّاف بأسلوب شيّق خفيف.
يتناول الكتاب مواضيع متنوعة ومختلفة، ويقول دايفيس في المقدمة إن «المنطق في إنجاز هذا الكتاب هو في وضع قائمة من مئة سؤال وسؤال مهمّ، ثم التقاط صور تعبّر عن الأجوبة. لكني كتبته بطريقة معاكسة. لقد جمعت مئة صورة وصورة جميلة وكتبت عن الشيء المهم فيها. ثم فكّرت في العنوان الذي يناسبها».
الكتاب بمجمله يعكس شخصية مؤلفه غير المألوفة من حيث غناها ونظرتها المختلفة إلى المسائل المحيطة. واللافت أن الصور التي تمثّل عنصراً أساسياً في الكتاب هي صور التقطها المؤلف بنفسه، ويقول إن «بعضها صور علمية حقيقية، بعضها بسيط، لكنه مثير للاهتمام علمياً، فيما بعضها الآخر لا يُعدّ علمياً البتة، ولكنه ذريعة لكي أروي عدداً من القصص».
يتناول الكتاب في إجاباته عن الأسئلة المطروحة ظواهر عدة موزعة في فصول، يحمل كل منها عنواناً يحدد مجاله. فمن الفصل الأول «الهواء» إلى الثاني «الأرض» فالثالث «الماء» ثم الرابع «النار» وبعده الخامس «الضوء»، تستمرّ الرحلة الشيّقة إلى الثلج والمطر والرياضيات السحرية والتكنولوجيا والنباتات والحيوانات والصحة. «لماذا تصنع قطرة الحليب تاجاً؟»، سؤال تواجهه وأنت تقلّب صفحات الكتاب وتمتّع نظرك بصورة تاج أبيض يعلو فوق سجادة سوداء. بعدها بخطوات أو صفحات تستغرب صورة المياه المتدفقة من «دوش» ويأتيك السؤال العلمي عنوان المقالة «ماء «الدوش» أكثر دفئاً في الوسط... لماذا؟». وحين تنتقل من الماء إلى النار تجد بانتظارك مجموعة من الأسئلة البسيطة في ظاهرها لكن الإجابة عنها تحتاج إلى معرفة واسعة في الكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم الدقيقة. فمثلاً ما يقوم به معظمنا كثيراً، لا سيما في لبنان، دون أن نفكر أو نحلل كيفية حصوله «كيف تُضيء الشمعة؟» وأيضاً «ممّ تتألف شرر المُفرقعات النارية؟» أو «لماذا ينتصب الشعر؟». أما في عالم الضوء فيجيب المؤلف عن أسئلة متنوعة تشرح الكثير من القواعد العلمية التي تتحكّم بأدوات نستخدمها في كل يوم، أو ظواهر نشاهدها مراراً وتكراراً فيجيب بإسهاب عن سؤال «كيف تُنقل برامج التلفزيون عبر الألياف الضوئية؟» و«السماء زرقاء....لماذا؟». في فصل الثلج والمطر يبادرك المؤلف بسؤال «لماذا يُبرّد الثلج شرابك؟»، ثم ينقلك إلى الطبيعة ويسأل «ما هو ندى الصباح؟». وفي الرياضيات سؤال «ما هو طول السنتيمتر؟»، وفي التكنولوجيا «لماذا تنط الطابة؟»، وفي النباتات «كيف تحصل على قرنفلة زرقاء؟»، ومن عالم الحيوانات سؤال «لماذا يبني النحل خلايا سداسية الأضلاع؟»، وفي الصحة «كيف يتعلّم الجرّاحون؟». هذا الكتاب الشيّق المزيّن بالصور الجميلة، الذي يطرح أسئلة مثيرة، يقدّم إجابات غاية في الجدية والدقة، فلقد حرص المؤلف على توضيح مصادر معلوماته منذ البداية، حيث أكّد في مقدمة كتابه «رافق كتابة هذا المؤلَّف شيء من الرهبة. فبعض مواضيعه بعيد من مجال تخصصي... لذا استعنت بالعديد من الأصدقاء والخبراء ليراقبوا النصوص». يبقى أن نضيف أن السرعة التي سوف تقلّب بها صفحات هذا الكتاب سوف تبرهن لك أن سؤال «هل أحسنت بشرائي هذا الكتاب؟» لا يملك سوى إجابة صحيحة واحدة «نـ...».