تتميز منطقة جبل أكروم العكارية بارتفاع نسبة المتعلمين فيها. ويتوجه أغلب طالبي العلم فيها إلى المدارس الخاصة ما يهدد وجود المدارس الرسمية
عكار ـ خالد سليمان
تظهر دراسة أعدّها مشروع التنمية الاجتماعية التابع لمجلس الإنماء والإعمار أنّ نسبة المتعلمين بين شباب منطقة جبل أكروم تصل إلى 98%، أما نسبة الذين لا يقرأون ولا يكتبون، فلا تتجاوز الواحد في المئة. هذه النسبة المرتفعة التي يقلّ وجودها في المناطق الريفية لا تعكس واقعاً تعليمياً متطوراً للمدارس الرسمية في المنطقة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد هجرة تلاميذها إلى المدارس الخاصة.
فقد دفع تدني نسب النجاح في الشهادات الرسمية وضعف المباني والتجهيزات في المدارس الرسمية في المنطقة، دفع الأهالي إلى نقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي تغري هؤلاء بتقديمات شتى، مثل المنح والنقل المجاني. وتستقطب هذه المدارس الخاصة أبناء العسكريين في الجيش والقوى الأمنية وأبناء العائلات النازحة عكسياً من المدينة إلى القرى. في المقابل، ما زالت المدارس الرسمية في القبيات وعندقت المجاورتين لأكروم تحتضن نسبة مقبولة من طلاب الجبل بسبب ثقة الأهالي بنوعية التعليم والأساتذة فيهما.
وتشير الدراسة المذكورة أعلاه إلى أنّ نسب النجاح في شهادة الثانوية العامة في المدارس الخاصة وصلت إلى 87،55% مقابل 63% في تلك الرسمية. أما نسبة النجاح في الشهادة المتوسطة، فهي 93% في المدارس الخاصة، و71،5 في الرسمية. وهذه الأرقام قد تفسر إقبال الأهالي على تسجيل أولادهم في المدرسة الخاصة، ما انعكس سلباً على المدرسة الرسمية، التي أقفلت أبوابها في قرى المونسة، الخوخ والسهلة. كما توشك تكميلية قنية على الإقفال بعدما باتت تضم نحو 30 تلميذاً فقط، وهي كانت المدرسة الأولى في جبل أكروم.
ويقول مدير تكميلية قنية المهددة بالإقفال اسبر كنعان إنّ العائلات الفقيرة هي التي ترسل أبنائها إلى المدارس الرسمية، أما الميسورة منها، فلا تثق بالتعليم الرسمي. ويؤكد إسبر أنّ الموظفين في الجيش يرسلون أبناءهم إلى المدارس الخاصة نتيجة التقديمات والتعويضات من جانب المؤسسة العسكرية. ويلفت إسبر إلى أنّ ذوي التلاميذ في المؤسسات التربوية الرسمية لا يحضرون إلى المدرسة رغم الدعوات المتكررة لهم لمتابعة شؤون أبنائهم.
من جهته، يرجع مدير ثانوية النهضة الخاصة في بلدة أكروم، علي اسبر، إقبال التلاميذ على المدارس الخاصة إلى الإعفاءات التي تقدمها للتلاميذ، وتدني مستوى التعليم الرسمي خلال السنوات الأخيرة، ما انعكس على نتائج الشهادات الرسمية. إلى جانب ذلك، أسهم قرب المدرسة الخاصة من منازل التلاميذ في توفير بدلات الانتقال عليهم.
ويؤكد مختار بلدة كفرتون ياسين الأدرع أنّ أكثر من خمسين عائلة كانت قد هاجرت في العقود الماضية إلى مدينة طرابلس عادت واستقرت في قرى جبل أكروم السبع، وشجعها على ذلك انتشار المدارس الخاصة والرسمية.
أما الشاب عمر قاسم، وهو تلميذ في الصف الثانوي الثالث فيرى أنّه «في كل الأحوال ستضطر العائلات التي عادت من طرابلس الى أكروم إلى العودة مجدداً إلى المدينة ليتلقى أبناؤها التعليم الجامعي».