هاني نعيمالحمرا تستعيد نبضها... الكل يعود إليها، إنها حي المثقفين والطلاب واليساريين...
على مقربةٍ من حانتي «وردة» و«كابتنز كابن»، في شارع المقدسي، افتتح كرم غصين حانته الخاصة، في الطابق الثاني من by the way، واسمها Upstairs. الساعة التاسعة مساء السبت الماضي، وعلى وقع «بعدو أليف»، توافد الشباب والصبايا إلى الحانة. الطاولات بدأت بالامتلاء. رغم وسعها بالنسبة لغيرها من الحانات «الحمراوية». ومن لم يأخذ طاولة له، بقي واقفاً يتحدّث مع الآخرين، أو متجوّلاً بين الطاولات يعتب على هذا وذاك بعد غياب طويل. ومن لم يحتمل الدخان ورائحته، خرج للوقوف على الشرفة. حميميّة الخريف كانت حاضرة بين الجميع. هنا، الكل يعرف الكل، حتّى ولو عن بُعُد.
على الجدران ملصقات، ملصق لمسرحيّة «صوت الشعب» التي عُرضت في الثمانينيات، وصور تشارلي شابلن وبوب ديلن، أما «pink floyd» فتتوسّط لوحات سورياليّة. هنا الفن، يتمازج مشكّلاً موزاييكَ هارمونياً خاصاً. في هذا الحيّز الليلي. للتشكيليّين جدار زجاجي يعرضون عليه أعمالهم الفنيّة. وليعرض كل رسّام أعماله لأسبوعين.
التناقضات لا تحتل الجدران فحسب. بل كل المكان بحركته. الخليط الثقافي ـــ الاجتماعي الذي تجمعه الحمرا «يسهر» هنا. الأحاديث سريعة وعابرة. لا مجال للجدالات البيزنطيّة إلاّ في ما ندر. قرب البار، يتحلّق الشباب والصبايا، وهناك عمود يضع عليه لاعبو الـ darts كؤوسهم وسهامهم.
ابتداءً من الأسبوع المقبل، سيتمكّن الزوار من طلب الـmenu. الأطباق لبنانيّة خفيفة، المازة على أنواعها، بأسعار
رخيصة.
المكان ليس للأكل فقط، البرنامج الموسيقي المنوّع يجذب كل الأذواق بتنوّعاتها.
محبّو الجاز لهم حصّتهم الأسبوعيّة مع “jazz night”، لمستمعي الموسيقى الشرقية ليالٍ. أما السبت، فاحبسوا أنفاسكم، فالرقص يمتد حتّى الفجر.
السينما حاضرة في Upstairs. بعد أسبوعين يُفتتح نادي السينما الذي تديره ريما قدّيسة، فنانة وأستاذة جامعيّة، وفي البرنامج عرض أفلام الطلاب وأفلام من السينما العالميّة.
للكلمة موقعها في هذه الفسيفساء. كل ثلاثاء، سيلتقي شعراء وروائيون مع جمهورهم، وأحياناً، ستكون الجلسات نقاشيّة.
كرم غصين، طالب السينما في الفنون ـــ2، صاحب الحانة، يريدها مكاناً جامعاً لتناقضات الحمرا، ويقول إنه «رائد من روّاد الحمرا، منذ بدايات وعيي الثقافي والسياسي»، وهذا ساعده على بلورة مفاهيمه، وصياغة هويّة المكان. عرف «الثغرات التي تعانيها حانات الحمرا» وحاول تفاديها في مشروعه.
وبالنسبة للأسعار أوضح كرم «ستكون رخيصة»، فهو نفسه من الشبان الذين يفضلون السهر بتكلفة قليلة. وهو يروي أنه سمع تساؤلات كثيرة عن «تناقضات الحانة»، قال البعض «عليك تحديد هويّة للمحل!» فكان جوابه واضحاً وحازماً «إنّها هويّة التناقضات»، مضيفاً أن «المحل لديه جو وmood معيّن. من يرَ أنّه ينتمي إليه، فسيكون من
روّاده».