بنت جبيل ــ داني الأمينبدأت شتول الصعتر البرّي تنافس شتول التبغ في قضاء بنت جبيل، برغم أن الأخيرة ما زالت مصدر العيش الرئيسي للمقيمين. فقد وزع الاتحاد الأوروبي آلاف الشتول على المزارعين، لا سيما في عيترون المشهورة بزراعة التبغ. مع تقديم إمدادت الري وخزانات المياه ومضخات صغيرة لضخ المياه عبر الأنابيب إلى الحقول الزراعية. وقد وجد المزارعون في هذه الزراعة فرصة لتغيير مهنة ترهق جميع أفراد الأسرة طوال السنة. ومنذ عامين بدأت زراعة الصعتر البرّي في عيترون. وكان المزارعون متريثين في الاعتماد عليها بديلاً للتبغ حتى يجربوها ميدانياً. لكن بعضهم وجد في هذه الزراعة بديلاً حقيقياً عن زراعة متعبة، فهي تدرّ عليهم مبالغ مالية قريبة نسبياً من مداخيل زراعة التبغ، ولو أنها ليست كزراعة التبغ مضمونة بيع المحصول للريجي. ويقول علي فقيه «زرعت 4 دونمات صعتراً برّياً، وبدأ الإنتاج يزداد بسبب كبر حجم الشتول، ففي العامين السابقين تجاوز ريع إنتاج الدونم الواحد من الصعتر مليون ليرة لبنانية. إضافة إلى ذلك، فإن زراعته ليست مرهقة، وخصوصاً بعدما أمّن الاتحاد الأوروبي بركاً للري تتسع الواحدة منها لعشرة براميل من المياه. فإذا تأمّنت المياه أستطيع أن أحصل على موسمين زراعيين في العام الواحد، بينما دونم التبغ لا يزيد ريعه أحياناً عن المليون ونصف مليون ليرة، بعد حسم التكاليف الخاصة به». ويستطرد فقيه بتعداد فوائد زراعة الصعتر التي يتحمس لها اليوم بعد نجاح زراعته «أستطيع وحدي زراعة الصعتر ومتابعته وتيبيسه، لكن المهم أن يؤمن التسويق. حتى الآن لا يزال التسويق مؤمناً، فقد أرسلت هذا العام أربعمئة كيلوغرام إلى الجالية اللبنانية في أوستراليا، لكن الخوف من أن تنتشر الزراعة فيقوم بها الجميع، وعندها يصعب تسويق إنتاج الجميع». ويؤكد محمد مواسي ذلك فيقول «ريع الصعتر جيد جداً نسبة إلى الجهد الكبير في زراعة التبغ، لكن لا يمكن أن يعتمد جميع المزارعين عليه، ولا بديل من زراعة التبغ، لأن التسويق مؤمن من الريجي». لكن أكثر إنتاج الصعتر يُصرّف في السوق المحلية، فيستخدمه الأهالي، وخاصة بعد تجفيفه وطحنه، ويطلبون شراءه للمونة البيتية، وجميعهم يعتمدون على مناقيش الصعتر اليابس في وجبة الفطور الرئيسية. ويبين محمد فرحات من برعشيت أن «زراعة الصعتر أصبحت رائجة هنا، وأصبح بعض المزارعين يعتمدون عليها في معيشتهم، رغم أنها كانت تزرع فقط للمونة البيتية، لكنها اليوم أصبحت تستخدم للكثير من الحاجات، فالكثير من الأهالي يستخدمونها بدل الدواء للقضاء على السعال، والبعض يستخدمه شتاءً بدل الشاي». وتتكامل زراعة الصعتر مع تربية النحل ، إذ إن الصعتر يجذب النحل ويزيد من إنتاجه من العسل، ما جعل أكثر مربّي النحل يلجأون إلى زراعة الصعتر.


الاستبدال يتقدم

في ما كان عدد العائلات العاملة في زراعة التبغ في عيترون وحدها 853 عائلة، ما يؤمّن دخلاً قدّر بـ2,6 مليون دولار سنوياً، أي ما يقارب 3050 دولاراً للأسرة الواحدة، بحسب دراسة أجراها معهد الاستشارات والأبحاث لمصلحة منظمة العمل الدولية بين شهري تموز وأيلول من عام 2000، فإن عدد الأسر المتحوّلة إلى زراعة الصعتر اليوم أكثر من 40 أسرة تعمل في زراعته. وينتج دونم الصعتر (1000 متر مربع) حوالى 80 كلغ، ويزيد سعر الكلغ عن 15000 ليرة. ولا تحتاج الأرض الزراعية إلى الفلاحة، فالشتول تبقى وتنتج كل عام.