حلا ماضيتتكامل المقاطع النثرية الموسيقية، مع رسوم مزخرفة بهيّة، فتشكّل حواراً مستمراً بين النصوص واللوحات في الكتاب الأنيق «رحلة الطيور إلى جبل قاف» الصادر عن دار الساقي للأديبة هُدى الشوّا قدّومي، المولودة من أب فلسطيني وأم بريطانية، والفنانة البريطانية فانيسا هودحكينسون. يتحدث الكتاب المستوحى من المنظومة الشعرية «منطق الطير» للشاعر الفارسي الصوفي فريد الدين العطار، الذي عاش في إيران خلال القرن الثاني عشر، حكاية اجتماع طيور العالم للبحث عن ملك يحكمها بعدما سادت الفوضى والظلم والطغيان، وقد أخبر الهدهد، المعروف بخبرته وحكمته تلك الطيور بوجود ملك مقيم في «جبل قاف» والملك المذكور هو «الطير العنقاء» إلا أن الطريق إليه عبر أودية سبعة محفوفة بالأخطار، فأخذ كل طير يتذرع بأعذار لعدم القيام بالرحلة.
الصقر لا يستطيع ترك الملوك والأمراء والفرسان، فهو يرافقهم في ترحالهم وصيدهم، والبومة تعودت على الأماكن المهجورة حيث الخراب واختارت العزلة والهدوء بديلاً من النور والعمران!
أما الحجلة فتعشق الياقوت والذهب ولا تستطيع التخلي عنهما. فكان دور الهدهد أن يُفند تلك الذرائع والحجج ليكشف للطيور زيف أعذارها، ويقنعها بإنجاز الرحلة رغم أخطار الطريق.
الأديبة الفلسطينية سافرت مع طيورها إلى جبل قاف لمواجهة صعوبات كثيرة تُحبط البعض منهم، فقرر عدم المتابعة، والبعض الآخر تعارك في ما بينه «من أجل حبة قمح» وتلهّت مجموعة ثالثة بعجائب الطريق وتاهت فلم تستطع اللحاق بالفريق.
غربلت عوائق الرحلة الطيور، فلم يصمد منها سوى ثلاثين طيراً من آلاف الأعداد التي اعتزمت القيام بالرحلة.
وقد اختارت الكاتبة طير «العنقاء» المرادف للطير الأسطوري «السيمرغ» في اللفظ الفارسي، هدفاً يسعى إليه «أبطال القصة» من التراث الأدبي.
مع الوصول إلى الهدف، تكون الكاتبة قد أرسلت حكماً وعبراً عديدة يصادفها أي قارئ من خلال أجوبة الهدهد على أعذار الطيور وحثّها على المتابعة رغم الصعوبات.
غنية «رحلة الطيور إلى جبل قاف» بالصور الأدبية أو والتعبيري الشيق المترافق مع ست عشرة لوحة فنية، متخصصة بالزخرفة الإسلامية، ما يجعلها جديرة بالحصول على جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع أدب الأطفال.
إلا أنها رغم استعمال الطيور كأسلوب في تبسيط القصة واستخدام كلمات «قريبة»، يبقى الكتاب الذي يتضمّن 39 صفحة، أكثر من قصة موجّهة للأطفال ظاهرياً، إذ إن نصوصه تلامس هموم الكبار قبل الصغار أحياناً.