عبد العزيز محمد سبيتيعندما قدم الرئيس محمود أحمدي نجاد التهنئة إلى الرئيس المنتخب باراك أوباما وإيران هي الخصم، إن لم تكن العدو اللدود لأميركا، فهذا معناه أن الرجل قد أعجب بطريقة وصول باراك أوباما وحتى بشخصه، لأنه يعلم من أين أتى وكيف وصل وماذا كان شعاره. GOD BLESS AMERICA لأن التغيير الذي حصل كان شبه مستحيل في دول أخرى، ولكن في أميركا لا مستحيل كما قال الرئيس المنتخب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حضارة الشعب الأميركي ورقيّه وديموقراطيته، وكم نتمنى لو يصدّر لنا «نفايات تلك الحضارة والديموقراطية والحرية» إلى بلادنا العربية، لأصبح عندنا الأمل في التغيير كبيراً جداً، وعندها نشعر بشيء من الفخر والعزّة اللذين شعر بهما كل أميركي وكل إنسان متمدن في جوانب الكون.
انتهت المعركة الانتخابية وفاز الرئيس بإرادة الشعب لا بإرادة المال السياسي أو الحزب الحاكم أو الاستخبارات أو جيش النظام، وفور إعلان النتيجة أقرّ بذلك الخصم وهنأ الفائز، وصار الرئيس رئيس كل الشعب الأميركي.
وفي الوقت نفسه، فقد نسي الرئيس المنتخب لون حزبه فعمد إلى أن يرتدي ربطة عنق حمراء ويلبس زوجته وبناته أثواباً باللون الأحمر، متناسياً لونه الأزرق لأنه صار رئيساً لكل الألوان.
وكم كان الرئيس أوباما كبيراً عندما شكر مَن لم ينتخبه من الشعب مثلما شكر مَن انتخبه، وقد تصرف بعظمة مَن سبقه من الرؤساء الخالدين في أميركا، ابتداءً من جورج واشنطن، مروراً بأبراهام لنكولن، وصولاً إلى جون كنيدي.
ولا شك في أنه تذكّر في ساعة النصر مارتن لوثر كينغ عندما رأى دموع الفرح على وجنتي القس جيسي جاكسون الذي ربما كان يتمنى لو كان مكان الرئيس أوباما. لا شك في أن الرئيس أوباما سيغيّر الكثير في أميركا إذا أفسح له القدر وطول العمر، لأن شعاره لم يكن انتخابياً فقط، وخاصة أنه ما زال في مقتبل العمر، ومن الممكن أن يعاد انتخابه مرة أخرى وربما أكثر، تبعاً للدستور الأميركي.
سيحصل التغيير في أميركا، لأن الرئيس أوباما ليس من «رجال الله للأمة»، بل هو رجل الأمة إلى الله الذي عانى الظلم والقهر والتمييز العنصري منذ أجداده الأوائل وحتى وصوله إلى حكم الكون. والرجل من الذكاء بدرجة لا يمكن معها ألا يتّعظ من أسلافه الثلاثة والأربعين، ومنهم ما زال يذكر بالخير ومنهم قد طواه النسيان.
سيحصل التغيير لأن أكثر مَن انتخبه هم من جيل الشباب الذين آمنوا بطروحاته وأفكاره ونظرته إلى مستقبلهم، والذين تأذّوا كثيراً من سلفه الذي زجّهم في حروب لم تجلب لهم إلا الموت والأمراض الجسدية والنفسية والعقلية، حيث اعتمد فيها على أخبار نفاها المخبر في ما بعد، والتي أحدها أسلحة الدمار الشامل في العراق.
انتهى عصر المحافظين الجدد والمتديّنين الراديكاليين، وجاء عصر الشعب الأميركي الواحد الموحد الأبيض والأسود، الذي يجمعه رئيس «من القاع» لم يرث من الأمجاد إلا تفاخره بديموقراطيته وأميركيته وإنسانيته ولونه المحبوب، وبما يتمتع به من كاريزما مختلفة وقريبة إلى القلوب.
فخامة الرئيس مرة أخرى GOD BLESS AMERICA AND YOU TOO وإن شاء الله سنقول مبروك لأميركا وأفريقيا والإنسانية ولكن بعد البدء بالتغيير الفعلي والوصول إلى الأمل المنشود للمجتمع، الجميع ونحن في الشرق أولهم، ولبنان في المقدمة، نتمنى عدم تزويد إسرائيل بالقنابل الذكية والعنقودية التي قتلت ما قتلت من أطفال ونساء ورجال في جنوبه الصابر.