رامي زريقصرّح مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد والتجارة أن عضوية لبنان في منظمة التجارة الدولية أصبحت أمراً حتمياً، وأن الحكومة الحالية تستكمل ما بقي من إجراءات قانونية لهذا الغرض. إجراءات ترتكز على إلغاء جميع أنواع الدعم للإنتاج المحلي، بدأتها الحكومة السالفة عندما حاولت إلغاء الروزنامة الزراعية وبرنامج دعم الصادرات، وتستكملها الحكومة الحالية، حكومة الوحدة الوطنية و«الثلث المعطّل» عبر تقديم أوراق اعتمادها للمنظمة الدولية. ويجدر التذكير أن عملية الانضمام إلى المنظمة، وخصوصاً في ما يتعلق بقطاع الزراعة والغذاء، هي موضوع جدل عقيم. فالمنظمة تمنع أعضاءها من دعم قطاعاتها الإنتاجية وتفرض عليها فتح أبوابها للاستيراد. ولكن لا تطبّق هذه الشروط إلا على الضعفاء فيما لا تزال البلدان القوية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان مزارعيهما بمئات مليارات الدولارات سنوياً. ويتفق معظم الخبراء على أن أسباب تدهور الزراعة والنزوح من الريف في البلدان الفقيرة تعود إلى هذا التحرير المزيّف للتجارة. وقد أظهرت أزمة الغذاء التي هزت العالم خلال السنة الماضية أنه لا بديل عن قطاع زراعي وطني حي يؤمّن بعض احتياجات المواطنين. كما أن تجربة لبنان مع اتفاقيات التبادل الحر لم تكن مقنعة: فبعد توقيع اتفاقية ثنائية للتجارة بين لبنان والاتحاد الأوروبي، تدهورت قيمة الصادرات إلى بلدان الاتحاد من 20% إلى 12%!
يأتي انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية ليتوّج سلسلة من الإجراءات التي تهدّد بإفراغ الريف، وتعرّض الأراضي الزراعية والغابات للمضاربات العقارية. ومن المتوقع أن يكون فقراء الريف هم أكبر الخاسرين. هم أولئك الذين ضحّوا وقاوموا وصمدوا، والذين يدّعي ثلث الحكومة الحالية أنهم يمثلونهم.