يستمر تدريس مادة «المهارات الحياتية للمراهق» في عدد من المدراس الرسمية في منطقتي الضاحية الجنوبية وفرن الشباك. وفيما ينتظر أن تقدم جمعية سكون تقريرها إلى وزارة التربية نهاية هذا العام، فقد تُركت الحرية للمدارس المشاركة في أن تواصل تطبيق المشروع
ديما شريف
خلال دقيقتين ينهي كل تلميذ وتلميذة في السابع الأساسي «د» في «متوسطة الليلكي الرسمية» كتابة ورقة اقتراحات بشأن «ما يجب فعله في الصف»، ويسلم التلاميذ الأوراق إلى مدرّستهم نادية طه. الحماسة الكبيرة التي ترافق هذا التمرين، تعود إلى أنّ هذه الاقتراحات، ستمثّل جزءاً أساسياً من «اتفاقية الصف» التي سيصوغها التلاميذ بالاشتراك مع مدرّستهم، ويوقعونها، ويلتزمون بها ويعاقبون، معنوياً، إذا خرقوها. كما أنّ مدرّستهم التي ستوّقع الاتفاقية أيضاً ستتعرض للعقاب أيضاً عند خرقها لها.
يمثّل تمرين «اتفاقية الصف» جزءاً من برنامج «المهارات الحياتية للمراهق» الذي يطبق للمرة الأولى في عدد من المدارس الرسمية في منطقتي الضاحية الجنوبية وفرن الشباك. والبرنامج الذي أحضرته إلى لبنان جمعية «سكون»، يقوم على بناء كل ما هو إيجابي عند المراهقين لتختفي السلبية لديهم سلوكياً ونفسياً تدريجاً. ويصبح المراهق بالتالي قادراً على اتخاذ القرارات السليمة المتعلقة بحياته، وتزداد ثقته بنفسه، ويستطيع تكوين فكر نقدي، ووضع أهداف نصب عينيه والإيمان بقدرته على تحقيقها، والهدف الثاني من البرنامج هو خلق جو من المرح داخل الصف يتعلم عبره التلميذ بتفاعل بعيد عن التنظير، ودون أن يعي أنّه فعلياً يتعلّم. وكانت الجمعية قد نظّمت ورشة عمل في أيلول الماضي، شارك فيها 22 أستاذاً ليستطيعوا تطبيق البرنامج في صفوفهم.
بالعودة إلى التمرين، تجمع المدرسة نادية طه أوراق الاقتراحات من التلاميذ وتبدأ بمساعدة بعضهم بفرزها. تتعاقب الاقتراحات من «الاحترام داخل الصف»، «الحفاظ على النظافة»، «عدم استعمال العلكة» ليفوز الاقتراح الأول بأكبر عدد من الأصوات. ينتهي الوقت المخصص للحصة، فتطلب طه من التلاميذ كواجب للأسبوع المقبل إعداد مسودة عن الاتفاقية، فيسألها أحدهم إذا كانوا سينالون علامات إضافية في مادة الجغرافيا التي تدرّسها أيضاً لهم مقابل ذلك، فتضحك وتجيبه بأنّها ستأخذ ذلك بعين الاعتبار. وكانت طه قد استهلت الحصة الدراسية بتمرين تفاعلي مع التلاميذ عن «أعمال يجب ألّا أقوم بها» و«أعمال أستطيع متابعتها في حياتي» ليشهد الصف تسابقاً بين التلاميذ للإجابة والمشاركة في النشاط.
وبعد نحو شهرين على بداية تدريس البرنامج في المدارس، تؤكد طه أنّها تلقى تفاعلاً كبيراً من التلاميذ، كما أنّها لاحظت تغييراً عند بعضهم، بعد استغراب من البرنامج ونشاطاته في بداية العام الدراسي. وتدعو طه إلى تطبيق البرنامج في كل الصفوف (حالياً يطبق في الصف السابع الأساسي) لتأثيره الجيّد على التلاميذ، ولما تؤمّنه الحصص المخصصة من جو ألفة وراحة نفسية. ويلقى البرنامج نجاحاً في مدارس أخرى أيضاً. ففي «ثانوية البرج الثانية» المجاورة، لاحظ المدير قاسم عواركة تفاعلاً جيّداً من بعض الأهالي، الذين يتابع أولادهم صف «المهارات الحياتية للمراهق» فعقد اجتماعاً مع لجنة الأهل، وسيعقد لقاءً موّسعاً مع الأهالي قريباً لتفعيل الصلة معهم.
وتؤكد منسقة مشروع «المهارات الحياتية للمراهق» في جمعية «سكون» فدوى مرضعة أنّ هناك خصوصية لكلّ واحدة من المدارس المشاركة. وتضيف إنّه لا يمكن المشروع أن ينجح من دون تعاون وثيق بين الأستاذ الذي يدرّس المادة والإدارة التي تؤمّن الجو الملائم للعمل.
يذكر أنّ «سكون» تنظمّ في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، لقاءً مع كل الأساتذة الذين شاركوا في ورش العمل السابقة المتعلقة ببرنامج «المهارات الحياتية للمراهق» كي يعرض هؤلاء تقويمهم لمراحل تنفيذ المشروع. كما سيقدّم الأساتذة رؤيتهم الخاصة في ما يتعلق بالتحديات والفرص التي يضيفها البرنامج إلى عملية التعليم عموماً. وستعمد الجمعية بعد هذا اللقاء إلى تقديم اقتراح إلى وزارة التربية والتعليم العالي تبعاً لتوصيات الأساتذة، ليصار إلى اعتماد البرنامج رسميّاً في المنهج الدراسي.


أخبرت التلميذة هدى علوية جميع صديقاتها اللواتي تركن المدرسة عن صف «المهارات الحياتية للمراهق» والنشاطات التي تمارسها مع زملائها خلاله، ما أدى إلى رغبتهن بالعودة إلى الدراسة. وسألتها إحداهن إذا كان بإمكانها حضور إحدى الحصص.


يتحدث التلميذ حسين زعيتر عن التسلية وأهمية المشاركة التي يحظى بها في الصف. يخبر حسين أهله يومياً عما يحصل معه أثناء صفّ «المهارات». في المنزل، يحب حسين ممارسة الرسم، وخصوصاً البورتريهات الشخصية والعائلية، ويريد تطبيق ذلك في الصف.


وقفة
إقبال على البرنامج


منذ بدء تطبيق برنامج «المهارات الحياتية للمراهقين» في مدارس الضاحية الجنوبية وفرن الشباك، تتلقّى جمعية «سكون» اتصالات من مسؤولي مدارس خاصة ورسمية على السواء لتطبيقه وتنفيذه في مدارسهم. وينتظر المسؤولون عن الجمعية جمع عدد كافٍ من الأساتذة للقيام بدورة تدريبية جديدة على البرنامج.