عمر نشّابةتعترض المشاريع الإصلاحية للحكومة عقبات سياسية. فلكلّ طرف سياسي نفوذ داخل المؤسسات الرسمية يتمسّك به، وخصوصاً تلك المعنية بأمن المواطنين. وبدت قوّة هذا النفوذ واضحة للجميع في عدد من المناسبات. يكثر مثلاً الحديث عن ولاء ضبّاط لحزب أو تيار، مقابل ولاء آخرين لجهة مقابلة. وفي هذا الإطار، يذكر أن ثلاثة من كبار ضباط قوى الأمن الداخلي قاطعوا اجتماعات مجلس القيادة لأكثر من عام ونصف. وقيل إنّ المؤسسة كانت رهينة بيد أحد الضباط برتبة مقدّم. كذلك قيل إنّ المؤسسات العسكرية والأمنية كانت على شفير هاوية الانقسام أثناء ذروة الاحتدام الداخلي الأخير.
إنّ المحاصصة السياسية والمذهبية والطائفية في المؤسسات الأمنية تضعف قدرتها على حماية المواطنين، وتفسح المجال أمام مخالفة القانون عبر طرق ملتوية لإثبات بعض الضباط ولاءهم لجهة سياسيّة أو طائفيّة على حساب أخرى. ولعلّ نظام المحاصصة أصعب ما يعترض إصلاح تلك المؤسّسات وتوزيع مراكز ضبّاطها بحسب الكفاءة والخبرة لا بحسب الطائفة أو المذهب أو الولاء السياسي.
انعقدت أخيراً في القصر الجمهوري أولى جلسات الحوار الوطني في عهد الرئيس ميشال سليمان، وفي طليعة المواضيع التي تطرّق إليها المتحاورون موضوع سلاح المقاومة والبحث عن استراتيجية دفاعية في وجه آلة الحرب الإسرائيلية. وكان عدد من القوى المحلية والدولية قد رفع صوته بحدّة ليقول إنّ قرار الحرب والسلم ينبغي أن يكون بيد الحكومة وحدها، لا بيد قيادة المقاومة أو بحكم الظروف الميدانية والمعطيات العسكرية. وتبذل القوى الغربية جهوداً حثيثة للضغط على المسؤولين عبر دعوتهم للتمسك بـ«سيادة الدولة» وعدم القبول بغير سحب المبادرة من «ميليشيا حزب الله» بما يخصّ إطلاق النار على «الإسرائيليين الآمنين».
على أي حال، إن المبتغى هو أن يكون قرار السلم والحرب بيد الحكومة وحدها، وها نحن أمام حكومة وفاق وطني تجمع الأطراف على تنوّعها واختلافها. يعني ذلك أن الاستراتيجية الدفاعية وآلياتها التنفيذية ستخضع على الأرجح لنظام المحاصصة نفسه الذي تتميّز به المؤسسات الأمنية والعسكرية العاجزة عن حماية المواطنين من الإرهاب الذي يضرب البلاد منذ ثلاث سنوات دون توقّف. فهل هذا هو المطلوب؟