نقولا حنحنفي عام 2005، اتُّهم العماد عون بأنه يرتكب خطيئة سياسية بالتحالف مع ميشال المر. لامه كثيرون من مجموعة 14 آذار والعونيين السابقين! إلا أن تلك الخطوة التي رآها الوزير نسيب لحود خطيئة سياسية ساهمت مع فوزي البقاع وكسروان بمنح العماد عون كتلة نيابية مهمة، أبقت حلم الجمهورية في وعي الناس، وأعطتهم الأمل بإكمال مسيرة الإصلاح والتغيير في 2009. في عام 1998، وعند «تعيين» العماد لحود رئيساً، عنونت إحدى الصحف قاصدة العماد عون «وحده لم يهنِّئ». يومها زار الدكتور كمال اليازجي بعبدا مهنئاً ونقل عنه أنه قال للرئيس «أنا والشباب بأمرك». ومنعاً للاسغلال وخلق التأويل في صفوف التيار والمواطنين، أصدر عون من باريس قراراً أعفى بموجبه الدكتور اليازجي من مهماته كرئيس للجنة الطلاب، مثنياً على نشاطه وإخلاصه للقضية.
ردة فعل اليازجي لم تكن كغيره من صفوف العونيين السابقين. لم يخرج الدكتور
إلى الإعلام ليهاجم العماد عون، بل احترم القرار وعاد إلى العمل السياسي في فترة لاحقة.
بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً، كان عون أول المهنئين، فاتصل بالرئيس المنتحب مسلّماً له الأمانة عن طيب خاطر. ولنقارن الشروط التي عين فيها الرئيس لحود قائماً بالأعمال والحق الذي طالب به العماد عون، فنرى أن من وحده لم يهنِّئ كان على حق!
في عام 2005، قرر مسؤول إعلامي سابق في التيار العوني أن يترشح للانتخابات النيابية. ونظراً لخارطة التحالفات التي رسمها الحلف الرباعي يومها، تقرر عدم خوض الانتخابات بشخصه، فجنّ جنونه وطبع اللافتات والصور وصار لا يترك مناسبة إلا ويهاجم فيها عون، حتى استفاق ضميره قبل يومين من انتخاب النائب كميل الخوري في المتن، ليستفيض في شرح عمالة العماد لسوريا وإيران عبر شاشات التلفزيون.
حضّر الفنان غسان الرحباني ملفّ ترشحه على لائحة العماد عون في المتن عام 2005، ولم يكن على لائحة المرشحين فلم يجن جنونه، وروى لـ«صوت الغد» أنّ عون قال له «هلق مش وقتك علينا مؤامرة». ورأى أنّ تحالف مع المر وحزب الطاشناق سيساعده على تحقيق الفوز، وبالفعل فاز العماد عون فلم يأسف الفنان أنه لم يدخل الندوة البرلمانية، بل إن الأمل الذي يبقيه في لبنان ممكن أن يعيد كثيرين إلى لبنان!
طلب أحد المرشحين من الفنان الياس الرحباني أن يتوسط له لدى العماد عون لكي يضمه إلى لائحته الانتخابية، إلا أن المرشح لم يوفق في الانضمام. ومن كان يقول عن العماد عون إنه رجل وطني في الأسبوع الأول، أصبح ينعته بالعمالة ورجل المحاور في الأسبوع الثاني، بالفعل إيه كيف!
فلنعدد معاً خطايا العماد عون السياسية لعلّ الله يغفر له ومن ما زال معه من بقايا شعب لبنان العظيم! الأولى أنه طالب بخروج الاحتلال السوري من لبنان في زمن كانت الإرادة الدولية مسلّمة بالوصاية. والثانية أنه أراد تطبيق القول إنّ «بيروت لا تحكم من دمشق ولا تحكم ضد دمشق»، في وقت يحاول فيه الوالي العودة رئيساً لدمشق عبر بوابة بيروت! والثالثة أنّه فضّل سياسة التفاهم على سياسة التصادم والحروب في زمن صراع قالوا إنه صراع الحضارات وحرب على الإرهاب، فكانت حرباً على لبنان وشعبه في تموز 2006!
فكيف يوقع العماد عون تفاهماً في كنيسة؟ ويدعو إلى دولة ديموقراطية وتفاهم سياسي في وقت هناك قرار بإزالة حزب الله واغتيال سيده، فاتصل السفير الأميركي في اليوم الأول من الحرب غاضباً «شوفوا أصحابكن شو عملوا»!
وإن كان ما جاء في التفاهم بعيداً عن الحلف الرباعي السيئ الذكر، هو من فم العماد عون ومن معه من دكاترة في التيار «عمالة» لسوريا وإيران، وخريطة طريق لدولة الإرهاب وولاية الفقيه من فم السيد وشيوخ حزب الله، وهو دعوة للتفاهم والمصالحة وكطعم العسل في خطاب القسم، فلا مانع من أن يشربوها من ملعقة الرئيس، فما يهم التيار هو أكل العنب أي الجمهورية!
أما الخطيئة الخامسة، فهي موقف العماد عون خلال الحرب تموز، كان عليه ومن معه من شعب لبنان أن يستقبلوا الطائرات الإسرائيلية بالورود ويساعدوا على التبليغ عن الإرهابيين لا أن يفتحوا منازلهم للنازحين! فموقف العماد عون يتعارض مع الديموقراطية البوشيّة التي كان يجب أن تولد خلال الحرب وبعدها!
أما الخطيئة السادسة فهي كيف يطالب عون بالشفافية ومحاربة الفساد وهو صاحب ملف مالي فارغ دام لسنوات عدة؟ وقيل إن العماد ارتكب خطأً تكتيكياً بعد عودته إلى بيروت بدعوته دولة الرئيس السنيورة لإجراء تدقيق مالي. ألا يعرف العماد أن في لبنان سرقة «بس ما في حرامية»؟
وممكن أن تكون الخطيئة الأهم أنّ عون كما يقولون بالعامية «ما في دولة دعمتو»! فالصفات التي يتمتع، من الآدمية إلى «الفكر الواسع» وعدم التوقف عند الأحداث بل العمل على عدم تكرارها، قد لا تكون صفات مرغوباً بها من الولايات المتحدة مروراً بالسعودية وصولاً للشقيقة السورية! فهل يكرر العماد عون خطايا 2005 في الانتخابات المقبلة لأن الغلط هذه المرة بـ2009!